س٤: كيف نجمع بين حديث الذباب وبين قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم «أنتم أعلم بأمور دنياكم» .
الجواب: كان الرسول صلى الله عليه وسلم في أرض عربية، والبلاد بلاد نخيل، وهو يعرف شيئا ما عن هذا في الجملة، ولا أقول إنه يعرف كمعرفة الزراع أو أرباب النخيل والثمار، لكنه مطلع على ذلك في الجملة، والرسول عليه الصلاة والسلام ما قال أنا أعلم بأمور دنياكم، بل نفى أنه أعلم بأمور الدنيا منهم، نفى هذا في مسألة النخيل وفي غيرها، فالشئون التي تتصل بالدنيا هم فيها أعلم، وإنما يعلم منها ما أوحى الله به إليه.
وحيث إن الشيء الذي قاله عليه الصلاة والسلام وأشباهه مما رجع عنه هو الأمور الاجتهادية، فهذا يدلنا على أنه قال فيها باجتهاده، ولهذا رجع عنها، أما الذي لا مدخل للاجتهاد فيه مثل حديث الذباب إنما قاله عن طريق الوحي، بدليل التعليم الذي أشعر بذلك كما تقدم في السؤال السابق.
وحيث إنه لم يقل فيه صلى الله عليه وسلم:«أنتم أعلم بأمور دنياكم» ، ولم يرجع عنه، ولم يعارضه أحد فهذا محمول على أنه وحي من الله.
أما ما كان في مسألة النخيل فهو من الأمور التي تؤخذ بالتجارب، وكذلك