الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام ركن من أركان الدين، فلا يستقيم لأحد دين ولا يقبل منه عمل إلا إذا أيقن برسالتهم، وأذعن لكل ما جاءوا به من الشرائع كل حسب طاقته وبقدر ما بلغه من ذلك إجمالا أو تفصيلا، قال تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ، وفي الحديث:«أن جبريل سأل النبي -عليهما الصلاة والسلام- عن الإيمان، فبينه بقوله: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» .
[بيان كفر من آمن ببعض الرسل وكفر ببعض]
ومن زعم أنه آمن ببعض الرسل دون بعض لم يقبل منه ذلك، وكان في حكم من كفر بالجميع، وذلك لأمرين:
الأول: أن من تقدم من الرسل قد بشر بمن تأخر منهم، وأخذ عليه وعلى من تبعه العهد والميثاق إن أدركهم أن يؤمنوا به وينصروه، وأن من تأخر منهم مصدق لمن بين يديه، فمن كفر بواحد منهم تقدم أو تأخر فهو كافر بجميعهم.
الثاني: أن الأمر الذي ثبت به رسالة من آمن به منهم، ومن أجله صدقه، وهو المعجزة، قد أجرى الله مثله على يد من كفر به من الأنبياء تصديقا لهم في دعوى الرسالة، قال صلى الله عليه وسلم:«ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» ، فكان إيمانه بمن آمن به، وكفره بغيره منهم اتباعا للهوى لا لدليل