للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبوة وإلا لآمن بالجميع، ومن كان إيمانه تبع هواه ولو تغير هواه لتغير إيمانه فليس بمؤمن في حكم الشريعة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} .

والقول في رسالة الرسل عليهم الصلاة والسلام يتشعب شعبا كثيرة ويرجع إلى مباحث عدة، يرجع إلى إمكان أن يوحي الله إلى بعض من يصطفيه من عباده بشريعة ليهدي بها أمته سواء السبيل، ثم إلى حاجة العالم إلى هذه القيادة الرشيدة والشريعة المستقيمة ليكون إرسالهم على مقتضى الحكمة وموجب العدالة الإلهية، ثم إلى بيان ما يؤيدهم الله به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات التي تدل على صدقهم فيما ادعوه من الرسالة والبلاغ عن الله لتقوم بذلك الحجة وينقطع العذر، ثم إلى بيان ما يتعلق بذلك من تنوع المعجزات وحكمته، وبيان الفوارق بين المعجزات والسحر والكهانة، وبيان ما يعد الله به رسله قبل الرسالة من السيرة الحميدة والأخلاق الفاضلة؛ ليكون ذلك أقرب إلى أن تستجيب لهم أممهم، وتتقبل عنهم ما دعوهم إليه.

وقد تكفل الله ببيان ذلك كله خبرا وعقلا وفطرة فيما أنزل على رسله، فعلمهم سبحانه طريق الحجة والبرهان التي يخضع لها العقل الصريح، وسلك بهم الطريقة المثلى التي لا يرتاب فيها إلا من سفه نفسه وأنكر فطرته.

وإليك تفصيل ذلك؛ لتعلم أن الشرائع الإلهية تعتمد في أصولها الحجة والإقناع، وإن جاء في فروعها وتفاصيل أصولها ما قد يعجز العقل عن إدراك حكمته، فطريقه ثبوت مثل هذا الخبر عن المعصومين عليهم الصلاة والسلام.

<<  <   >  >>