هذا المبحث يتضمن أمرين، الأول: خلق الجنة والنار ووجودهما في الدنيا، والثاني: بقاؤهما أبد الآبدين وفي كل منهما خلاف بين العلماء، وفيما يلي بيان مذهب أهل السنة ومخالفيهم في الأمرين مع الدليل:
الأمر الأول: اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار موجودتان في الدنيا، ولم يعرف لهم مخالف في صدر الإسلام، واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة.
أما الكتاب فقوله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} . وقوله تعالى:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فدل التعبير عن إعداد الجنة للمؤمنين بالفعل الماضي على أنها موجودة بالفعل في الدنيا، وقوله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} . وقوله:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} . وقوله:{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا لِلطَّاغِينَ مَآبًا} فدل التعبير بالماضي على أن النار وجدت فعلا.
وأما السنة فالأحاديث الدالة على وجودهما الآن كثيرة، منها ما رواه البخاري