الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد.
فإن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بروح من عنده، أيده في التشريع بالوحي وعصمه في الإخبار عن الكذب، فلا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى وما كان منه عليه الصلاة والسلام عن اجتهاد أقره الله تعالى عليه إن أصاب فيه، وكشف له عن الحق وأبان له الصواب إن أخطأ، فكان بفضل الله وتوفيقه على بينة وبصيرة من أمره على كل حال، لم يكله الله لنفسه، ولم يدعه لحسن تفكيره، بل هداه سبحانه في كل شئونه إلى سواء السبيل.
لقد أنزل الله عليه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وأوحى إليه من الأحاديث ما فيه بيان لما أجمل في القرآن، وتفصيل لقواعده، وشرح للعقائد والشرائع، فضلا من الله ورحمة والله عليم حكيم.
فوجب تصديق ما جاء في كتاب الله وما صح من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحكيمها في كل شأن من الشئون، والرضا والتسليم لحكمها دون حرج أو ضيق في الصدور تحقيقا للإيمان، وتطهيرا للقلوب من درن الشك والنفاق قال الله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .