كان الناس أمة واحدة على الحق بما أودع الله فيهم من فطرة الإسلام وبما عهد إليهم من الهدى والبيان، فلما طال عليهم الأمد قست قلوبهم فاجتالتهم الشياطين عن الصراط المستقيم، وسلكت بهم بنيات الطريق فتمزقت وحدتهم، واختلفت كلمتهم، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وكان الله عزيزا حكيما، قال -تعالى-: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} .
وقال صلى الله عليه وسلم:«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه» . الحديث. وقد أمر الله تعالى - في كتبه، وعلى ألسنة رسله بوحدة الكلمة، والاعتصام بشرعه، وحذر من الفرقة والاختلاف، وبين عاقبة ذلك بما ذكر من أحوال الأمم الماضية، وما حاق بها من الدمار، وأصابها من الهلاك، وحثهم على البلاغ والبيان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، نصرة للحق، وإزالة للشبهة، وإحباطا لكيد دعاة السوء، واستهوائهم النفوس الضعيفة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} .