للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاذورات والأوساخ، والذي يسقط في الطعام أو الشراب، وبهذا الفهم أيضا هو ما يقصده الأطباء، فهو ليس عاما إذن في كل ما يطير بجناحيه.

ثانيا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا في هذا الحديث أن في إحدى جناحيه داء والأخرى دواء، وهذا يدلنا على أن المراد بالجناح جناح هذا الذباب الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر فيه هذا عن كونه دواء لغير هذا الداء؛ لأنه يعلل ما ذكر في كلامه بالغمس ولم يجعل صلى الله عليه وسلم هذا تعليلا عاما لعلاج كل داء، إنما ذكره بمناسبة الداء الذي في جناح الذبابة يقول: «فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء» .

إذن فقوله صلى الله عليه وسلم عن دواء في الجناح هو دواء للداء الذي نزل من الجناح الآخر، ولا يصح أن يقال: إن هذا يتعدى إلى علاج داء آخر إلا بدليل، فالأصل أن ذلك يخص ما ذكر في الخبر ولا يجوز تعديه إلى غيره، مثل أي طبيب يقول: هذا الدواء لهذا الداء، فلو ذهبت إلى الصيدلية لوجدتها مملوءة بالأدوية وكل ما فيها يقال إنه دواء، لكن لا يستعمل كل دواء في الصيدلية لكل داء أيا كان، بل الأدوية التي في الصيدلية موزعة على الأدواء والأمراض وفق خاصية الداء وخاصية الدواء.

وعلى هذا فلا بد للإنسان أن يقف عند ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام دون أن يتجاوزه بجعل هذا الدواء دواء لكل داء.

<<  <   >  >>