هذه الشائبة من الشرك نبه الله سبحانه على بطلانه، وأنكر على من زعمه، فقال تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
استحالة أن يكون في الكون خالقان معبودان
فبين سبحانه أنه لو كان معه إله يشركه في استحقاق العبادة لكان له خلق وتقدير وملك وقهر وتدبير، إذ لا يستحق العبادة إلا من كان كذلك، ليرجى خيره، ونفعه، فيطاع أمره ويقصد قصده، ويخشى بأسه، فلا يعتدى على حدوده ولا ينتهك حماه. ولو كان له خلق وتقدير وملك وتدبير لعلا على شريكه وقهره إن قوي على ذلك ليكون له الأمر وحده، ولذهب كل بما خلق وتفرد بتدبير ما ملك إن لم يكن لديه من القوة ما يفرض بها سلطانه على الجميع، فإن من صفات الرب كمال العلو والكبرياء والقهر والجبروت.
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} ، على تقدير أن المراد: لاتخذوا سبيلا إلى مغالبته وقهره، أو الخروج عليه والتفرد عنه بما خلقوا وملكوا، أما إن كان المعنى المراد: لاتخذوا سبيلا إلى عبادته والقيام بواجب حقه رجاء رحمته وخوف عقابه، فالآية في توحيد الإلهية، كقوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} .
وقد استخلص بعض العلماء من ذلك دليلا سموه دليل التمانع، وجعلوا جل همهم إثبات توحيد الربوبية به، قالوا: لو جاز أن يكون للعالم ربان يخلقان