للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا التعليل دليل على أنه -وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب وليس صاحب تجارب في الطب، ولم يدخل مدارس طب، ولا جامعات طب-، ليس تخمينا من عند نفسه ودخوله فيما لا يخصه من عند نفسه، إنما هو بوحي من الله جل شأنه، والله عليم بمخلوقاته وما فيها من خواص.

والرسول صلى الله عليه وسلم مكلف بالبلاغ عن الله، وقد بلغ هذا عن ربه ويجب على الإنسان أن يثق بوحي الله جل شأنه أعظم من ثقته بنظريات الأطباء، ثم إن الأطباء لم يتفقوا على ما بنى عليه هؤلاء المعترضون على هذا الحديث، وهم مختلفون أيضا، فيما بينهم والمسألة مسألة نظرية اجتهادية من الأطباء فكيف يرد بمسألة نظرية اجتهادية -ما زالت تحت البحث- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما من الجهة الثانية: جهة السند على طريقة المحدثين سند صحيح مستوف الشروط التي اشترطها علماء الحديث.

والناس الذين اعترضوا على هذا الحديث من جهة رجاله ليس عندهم سند يستندون إليه في ذلك، وهم في معاملتهم وقبولهم للأخبار التي تصل إليهم يعتقدون يقينا أو يظنون ظنا غالبا بما وصلهم من الأخبار، يعتقدون ما دلت عليه فيلزمهم أن يقبلوا ما جاء عن رواة هذا الحديث، لأنهم أوثق وأضبط وأعدل من الرواة الذين يروون لهم أخبارا بسفر فلان وفي إدانة فلان، وفي شهادة فلان فهم يقبلون الأخبار والنقل ممن وعمن هم أقل من الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.

ثم إن الذين يردون بعض الأحاديث؛ لأنها لا تتفق مع أفكارهم ومداركهم يسلكون في ردها أحد ثلاثة مسالك:

الأول: فإما أن يردوها ويكذبوها، ويقولون: خالفت العقل إن لم يمكنهم أن يؤولوها.

الثاني: وإما أن يتأولوها على خلاف ما دلت عليه مع كثرتها.

الثالث: وإما أن يردوها؛ لأنها أخبار آحاد:

<<  <   >  >>