والعصر أربع، والعشاء أربع، والمغرب ثلاث، والصبح ركعتان، وكافر أيضا بتفاصيل الصيام؛ لأنها ليست في القرآن، وهي معلومة من الدين بالضرورة، فلذلك كان كافرا.
الاجتهاد شيء ورد الأحاديث شيء آخر:
أما الذي ينكر حديثا ما لعلة في سنده ويختلف فيها مع غيره من رجال الحديث، فهذا نوع من الاجتهاد يقال فيه أخطأ وأصاب، ولا يقال فيه آمن وكفر.
وكذلك إذا رد ظاهر الحديث متأولا له تأويلا تسوغه اللغة العربية، ففسره بمعنى مختلف عن المعنى الذي فسره به غيره، فهذا حمله على الظاهر وهذا تأوله، فهذا لا يقال فيه آمن وكفر، إنما يقال أخطأ وأصاب، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد، ويلزمه العمل بما اعتقده، وإن كان خطأ في نفسه، ودليل ذلك حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى بني قريظة، حين قال:«لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» فاجتهد الصحابة، فبعضهم أخر العصر على ظاهر الحديث مثل ما يقول ابن حزم: لو كنت معهم ما صليت العصر إلا في بني قريظة؛ لأنه ظاهري، وقال بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد منا هذا ولكن أراد منا السرعة والمبادرة، ولم يرد منا أن نترك الصلاة في وقتها هذا فرض وذاك فرض، وفريضة الصلاة لا يسقطها الجهاد، فنصلي ثم نسرع ولا نتمهل، وصلوا في الوقت، ولما اجتمعوا عند النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف طائفة من الطائفتين، لا المخطئة ولا المصيبة، لا التي أخرت ولا التي عجلت.
هذا دليل على أن الأحاديث التي هي مجال للاجتهاد يقال في الخلاف فيها أخطأ وأصاب، ولا يقال آمن وكفر، ويعذر من أخطأ، وعمله الذي بناه على اجتهاده الخاطئ صحيح.