الفكر، فإن ذلك لا يتفق مع كمال علمه تعالى وسعة رحمته، وفصاحة كلامه، وقوة بيانه، وبالغ حكمته؛ ولأن يتركهم الله دون أن يعرفهم بنفسه، ويعرفهم به رسوله عليه الصلاة والسلام بوحيه، خير لهم وأيسر سبيلا لعدم وجود المعارض للشبه الباطلة التي زعموها أدلة وبراهين، وما هي إلا الخيالات ووساوس الشياطين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فمن جحد شيئا من هذه النصوص، أو تأولها على معان مجازية من غير دليل يرشد إلى ما تأولها عليه فقد ألحد في آيات الله، وأسمائه، وصفاته، وحق عليه ما توعد الله به الملحدين في ذلك بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وقد زادت السنة عن نصوص الكتاب في إثبات الأسماء، والصفات توكيدا، وبيانا فقضت على قول كل متأول يحرف كلام الله عن مواضعه، كما فعلت اليهود في تحريفها لكتاب ربها وتلاعبها بشريعة نبيها.
العقيدة الصحيحة توجب إخلاص العبادة لله، وإفراده تعالى بجميع أنواعها ما ظهر منها كالصلاة، والزكاة، والحج، وما بطن منها التوكل على الله، والإنابة إليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عقابه ونقمته، والاستغاثة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من الأقوال، والأعمال، والأخلاق التي تدخل في مسمى الإسلام، كما تدخل العقيدة وإن تفاوتت منازلها في الدين وكان لكل منها درجة نخصها حسب ما يتوقف عليها من العبادة، وما يتبعها من الآثار.