فهؤلاء الثلاثة لما وقعوا في الشدة والكرب بسبب انسداد الغار عليهم بفعل الصخرة التي سقطت من أعلى الجبل، توسل كل منهم بعمل من الأعمال الصالحة التي توفر فيها الإخلاص لله تعالى، فالأول توسل ببره والديه غاية البر، والثاني توسل بعفته عن الزنا وتركه المال الذي أعطاه لابنة عمه، والثالث توسل إلى الله تعالى بأدائه الحقوق للعباد ومنهم هذا الأجير الذي أخذ المال كله وطابت نفس المتوسل بذلك، ولما كان هذا التوسل مشروعا وجائزا كان له الأثر الطيب في أن الله عز وجل أزاح الصخرة عن باب الغار وتمكنوا من السير والانطلاق إلى وجهتهم التي أرادوا.
هذا هو النوع الأول من التوسل المشروع وهو التوسل إلى الله ودعاؤه بالعمل الصالح الذي يعمله العبد تقربا إلى الله.
وأما النوع الثاني من التوسل فهو التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وذلك كأن تسأل الله عز وجل وتدعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا فتقول مثلا: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحيم اللطيف افعل كذا وكذا لي.
أو تقول مثلا: اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا افعل لي كذا وكذا، وكقول المسلم في دعاء الاستخارة:«اللهم إني أستخيرك بعلمك وقدرتك فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت على كل شيء قدير، إن كان كذا خيرا لي في عاجل أمري وآجله فيسره لي، وإن كان كذا شرا في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه» .... الحديث.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:«اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما عملت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي..» الحديث عن عمار بن ياسر.
والنوع الثالث من التوسل المشروع هو التوسل إلى الله بدعاء العبد الصالح