شبهتهم، ثم ردها بما آتاه من المعجزة الدالة على صدقه، وبنصره وإهلاكهم؛ فإن العاقبة للمتقين.
وقال تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} ، وقال تعالى:{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ، إلى غير ذلك من الآيات التي دلت على إنكار الأمم لم يكن لأصل الرسالة إنما كان لبعث رسول إليهم من جنسهم.
ولو قال قائل: إن أئمة الكفر وزعماء الضلالة كانوا يوقنون بإمكان أن يرسل الله رسولا من البشر، غير أنهم جحدوا ذلك بألسنتهم حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق، وتمويها على الطغام من الناس وخداعا لضعفاء العقول، وتلبيسا عليهم خشية أن يستجيبوا إلى مقتضى الفطرة، ويسارعوا إلى داعي الدين ومتابعة المرسلين -لو قال ذلك قائل- ما كان بعيدا عن الحقيقة ولا مجافيا للصواب، بل بدرت منهم البوادر التي تؤيد ذلك وتصدقه، وسبق إلى لسانهم ما يرشد البصير إلى ما انطوت عليه نفوسهم من الحسد والاستكبار أن يؤتى الرسل ما أوتوا دونهم، وأن ينالوا من الفضيلة وقيادة الأمم إلى الإصلاح ما لم ينل هؤلاء، قال تعالى:{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ، {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} .