للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

ولو قدر أن الله أجاب الكفار إلى ما طلبوا من إرسال ملك لجعل ذلك الملك في صورة رجل؛ ليتمكنوا من أخذ التشريع عنه والاقتداء به فيما يأتي ويذر، ويخوض معهم ميادين الحجاج والجهاد، وإذ ذاك يعود الأمر سيرته الأولى، كما لو أرسل الله رسولا من البشر، ويقعون في لبس وحيرة، جزاء وفاقا، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} .

ومن نظر في آيات القرآن، وعرف تاريخ الأمم تبين له أن سنة الله في عباده أن يرسل إليهم رسولا من أنفسهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} ، وفي ذلك الرد الواضح على من زعم منافاة البشرية للرسالة ببيان سنة الله في رسله وحكمته في اختيارهم على نحو يكفل المصلحة وينتهي بالأمة إلى المقصود.

<<  <   >  >>