للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبره، ونعيمه، وعذابه، وحياة أهل النار في النار، ولكنها لا تحيله، ولا تقوى على رده، ولا تجد لديها من الأدلة الصحيحة ما ينقضه، بل وصلت العقول بتيسير الله لها، وهدايته إياها إلى ما يصدق هذا، وأمثاله مما جاءت به الرسل، ووقفت بما أتاح الله لها من الوسائل، وسخرت لها من الكون، وهداها إليه من التجارب على حقائق سبق أن أنكرتها، وسخرت ممن تحدث بها، وربما رمته بالسحر، والكهانة، أو الخيال، والجنون.

وليس ذلك لشيء أكثر من أنها لم تقع تحت حسها، ولم تكن من إلفها، ومعهودها، فوجب أن تعترف بقصورها، وأن تقر بأن لإدراكها غاية لا تعدوها، وحدا تقف عنده، وتؤمن بما صح من وحي الله لرسله، وأن تسلم وجهها إلى الله، فإن اتهمت فلتتهم نفسها بالقصور والتقصير، دون أن تتهم الله ورسله، فإنها بذلك أولى، وهي به أقعد.

قال -تعالى-: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} .

فإن حجب الإنسان بعد ذلك ركوبه لرأسه، لجهالة، أو كبر، أو هوى في نفسه، حاول بالباطل ليدحض به الحق، غلب على أمره، ودارت عليه الدوائر، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} .

وقال -تعالى-: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} .

<<  <   >  >>