والدليل من القرآن على الصراط قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} فإن المراد بالورود في الآية المرور على جهنم فوق الصراط، المضروب على متنها، ثم من الناس من يسقط، ومنهم من ينجو، قال تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} ، ولا يلزم من المرور على الصراط فوقها دخول كل من مر في النار وتعذيبه بها، ولا يلزم أيضا من التعبير بالإنجاء دخول من أنجاهم الله فيها، فإنه يكفي في صحة التعبير بالإنجاء انعقاد أسباب الهلاك مع تخليص أهل الخير، كما في قوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا} . وقوله:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا} وقوله: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا} فأخبر سبحانه بإنجائهم ولم يكن أصابهم ولا أصاب من آمن بهم شيء من العذاب الذي أهلك الله به من كذبهم وكفرهم، فكان توفر أسباب العذاب إجمالا كافيا لتصحيح التعبير بالإنجاء من الهلاك، وقال صلى الله عليه وسلم:«يجمع الله الناس يوم القيامة -إلى أن قال-: فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، وقال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفئ قام، قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف ودحض مزلة، فيقال لهم:»