قال المصنف رحمه الله في مجموعه: قد ذكرنا أن مذهبنا صحة الإِجارة للحج بشرطه السابق وبه قال مالك وقال أبو حنيفة وأحمد: لا يصح عقد الإجارة عليه، بل يعطى رزقاً عليه، قال أبو حنيفة: يعطيه نفقة الطريق فإنْ فضل منها شيء رده، ويكون الحج للفاعل وللمستأجر ثواب نفقته لأنه عبادة بدنية، فلا يجوز الاستئجار عليها كالصلاة والصوم لأن الحج يقع طاعة فلا يجوز أخْذ العوض عليه، ودليلنا أنه عمل تدخله النيابة فجاز أخذ العوض عليه كتفرقة الصدقة وغيرها. (فإنْ قيل): لا نسلم دخول النيابة بل يقع الحج عن الفاعل. (قلنا): هذا منابذ للأحاديث الصحيحة السابقة في إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج عن العاجز، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَدَيْن الله أحق بالقضاء" و"حج عن أبيك" وغير ذلك. ودليل آخر وهو أن الحج يجوز أخذ الرزق عليه بالإجماع، فجاز أخذ الأجرة عليه كبناء المساجد والقناطر، وأما الجواب عن قياسهم على الصلاة والصوم، فهو أنه لا تدخلهما النيابة بخلاف الحج وعن قولهم: الحج يقع طاعة، فينتقض بأخذ الرزق والله أعلم. اهـ ملخصاً. (مسألتان): قال العلامة ابن قدامة في مغنيه: أما إذا أعطي ألف درهم أو كذا أو كذا فقيل له: حج بهذه فله أن يتوسع فيها، وإن فضل شيء فهو له، وإذا قال الميت: حجوا عني حجة بألف درهم، فدفعوها إلى رجل، فله أنْ يتوسع فيها وما فضل فهو له. اهـ. أقسام الاستئجار للنسك قسمان: استئجار عين واستئجار ذمة: (فالأول): كاستأجرتك لتحج عني أو عن مَيتي أو عن فلان هذه السنة بكذا، فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد وَإنْ أطلق صح وحُمل على السنة الحاضرة، فإن كان لا يصل مكة إلا لسنتين فأكثر فالأولى من سني إمكان الوصول ويشترط لصحته قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له والمكي ونحو ممن يدرك الحج في سنته إذا خرج في أشهر يستأجره في أشهر الحج. =