والفريق الثاني جعلوا وجوب الطهارة للطواف واشتراطها بمنزلة وجوب السترة واشتراطها بل وبمنزلة سائر شروط الصلاة أو واجباتها التي تجب وتشترط مع القدرة وتسقط مع العجز قالوا: وليس اشتراط الطهارة للطواف أو وجوبها له بأعظم من اشتراطها للصلاة، فإذا سقطت بالعجز عنها فسقوطها في الطواف بالعجز عنها أولى وأحرى، قالوا: وقد كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين يحتبس أمراء الحج للحيض حتى يطهرن ويطفن، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن صفية وقد حاضت: "أحابستنا هي؟ " قالوا: إنها قد أفاضت، قال: (فلتنفر إذا) وحينئذ كانت الطهارة مقدورة لها، أما في هذه الأزمان التي يتعذر إقامة الركب لأجل الحيض فلا تخلو من ثمانية أقسام: (أحدها): أن يقال لها: أقيمي بمكة وإنْ رَحَلَ الركب حتى تطهري وتطوفي، وفي هذا من الفساد وتعريضها للمقام وحدها في بلد الغربة مع لحوق غاية الضرر لها ما فيه. (الثاني): أنْ يقال: يسقط طواف الإفاضة للعجز عن شرطه. (الثالث): أنْ يقال: إذا علمت أو خشيت مجيء الحيض في وقته جاز لها تقديمه في وقته. (الرابع): أن يقال: إذا كانت تعلم بالعادة أن حيضها يأتي في أيام الحج وأنها إذا حجت أصابها الحيض هناك سقط عنها فرضه حتى تصير آيسة وينقطع حيضها بالكلية. =