(قيل): لا ريب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط طواف القدوم عن الحائض وأمر عائشة لما قدمت وهي متمتعة فحاضت أنْ تدع أفعال العمرة وتحرم بالحج، فَعُلِمَ أنّ الطواف مع الحيض محظور لحرمة المسجد أو الطواف أو لهما والمحظورات لا تباح إلا في حال الضرورة ولا ضرورة بها إلى طواف القدوم لأنه سنة بمنزلة تحية المسجد ولا إلى طواف الوداع فإِنه ليس من تمام الحج، ولهذا لا يودع المقيم بمكة، وإنما يودع المسافر عنها فيكون آخر عهده بالبيت، فهذان الطوافان أمر بهما القادر عليهما إما أمر إيجاب فيهما أو في أحدهما أو استحباب كما هي أقوال وليس واحد منهما ركناً تقف صحة الحج عليه بخلاف طواف الفرض فإِنها مضطرة إليه وهذا كما يباح لها دخول المسجد واللبث فيه للضرورة ولا يباح لها الصلاة ولا الاعتكاف فيه، وإنْ كان منذوراً، إلى أن قال: وبالجملة فالكلام في هذه الحادثة في فصلين: (أحدهما): في اقتضاء قواعد الشريعة لها لا لمنافاتها وقد تبين ذلك بما فيه كفاية. و (الثاني): في أن كلام الأئمّة =