للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أذرع من البيت وَالمذهب الثاني أَنهُ يَجِبُ الطَّوافُ بجَميعِ الْحِجْرِ فَلَوْ طافَ في جُزءٍ مِنْهُ حَتى عَلَى جدَارِهِ لَمْ يَصحَّ طوافُهُ وهَذَا المذهبُ هُوَ الصَّحيحُ وعَلَيْه نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحمهُ اللهُ تعالى وبه قطعَ جماهيرُ أصْحابِنَا وهذَا هُوَ الصَّوابُ لأنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - طَافَ خارجَ الحِجْرِ، وهكذا الخُلُفاءُ الرَّاشِدُونَ وغيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابةِ فمَنْ بَعْدهُمْ.

وأَمَّا حديثُ عائشَةَ رضي الله عنها فقد قال الشّيخُ الإِمامُ أَبُو عَمْرِو بن الصَّلاحِ رحمهُ اللهُ تعالى قد اضطربَتْ فيه الرِّواياتُ. ففي رواية في الصَّحيحينِ الحِجْرُ من البيتِ ورُوِيَ ستَّةُ أَذْرُع نحوها، ورُوِيَ خَمسةُ أذْرُع ورُوِيَ قريباً مِنْ سَبعْ أذْرُع قَالَ: وإذا اضطرَبَتْ الرِّواياتُ تَعَيَّنَ الأخذُ بأكثرِها ليَسْقُطَ الْفَرْضُ بيقينٍ قُلْتُ: ولو سُلِّمَ أنَّ بعضَ الحِجْرِ ليسَ مِنَ البيتِ لا يَلْزَمُ منه أَنهُ لاَ يجبُ الطَّوافُ خارج جَميعِهِ لأن المُعْتَمَدَ في بابِ الحَج الاقْتِدَاءُ بفعْلِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيجبُ الطَّوافُ بجميعِهِ سَوَاءٌ كان من البيتِ أمْ لاَ والله تَعَالَى أعلم.

(فَرع): في صِفَةِ الْحِجْرِ ذكر أبو الْوَليدِ الأزْرَقيُّ في كتاب تاريخِ مَكَّةَ الْحِجْرَ ووَصَفَهُ وصْفاً واضحاً فقالَ: هُوَ ما بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيّ والْغَرْبيِّ وأرْضُهُ مَفْرُوشَة برُخَام وهُوَ مُسْتَوٍ بالشَّاذَرْوَانِ الذي تحتَ إزَارِ الكَعْبةِ وعَرْضُهُ من جِدَارِ الْكَعْبَةِ الذي تَحْتَ الميزَابِ إلى جِدَارِ الْحِجْرِ سَبْعَ عَشرَةَ ذِرَاعاً وثَمَانِ أصَابعَ. وَذَرْعُ ما بينَ بَابَيْ الْحِجْرِ عشرون ذرَاعاً وعَرْضُهُ اثْنَان وَعشْرُونَ ذراعاً، وذَرْعُ جدارِهِ مِنْ داخلِهِ في السَّماءِ (١) ذرَاعٌ وأرْبَعَ عَشْرَةَ أُصْبعاً (٢)، وذَرعُهُ مما يَلي البابَ الذي يلي المَقامَ ذرَاعٌ وعشْرُ أَصَابعَ، وذَرْعُ جدارِهِ


(١) أي في جهتها.
(٢) الأصبع يذكر ويؤنث كما في الصحاح.

<<  <   >  >>