للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غير تكلُّف لِتَْرتيبِهِ وإعْرَابِهِ (١) وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا يشْغلُ قلبه، وَيُسْتَحَب أنْ يَخْفِضَ صَوتَه بالدُّعَاءِ وَيكْرَهُ الإِفْرَاط في رَفْعِ الصَّوْتِ.

وَينبغي أنْ يُكْثرَ مِنَ التَّضَرُّع فِيهِ والخُشُوعِ وإظْهَارِ الضَّعْفِ والافْتِقَارِ والذِّلةِ ويُلحُّ في الدُّعَاءِ ولا يَسْتَبْطِىءُ الإِجَابةَ بَلْ يكونُ قويَّ الرَّجاء للإجَابةِ ويُكَرِّرُ كلَّ دُعاء ثَلاَثاً ويَفْتَتحُ دُعاءَهُ بِالتَّحْمِيدِ والتمجيدِ للهِ تَعَالى والتَّسْبِيحِ والصَّلاَةِ والسَّلامِ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيَخْتِمُهُ بمثلِ ذلكَ وَلْيَكُنْ مُتَطَهراً مُتبَاعِداً عَنِ الْحَرام والشُّبْهَةِ فِي طَعَامِهِ وشَرَابِهِ ولِبَاسِهِ وَمَركُوبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِما مَعَهُ فَإنَّ هذه مِنْ آدَابِ جَميعِ الدَّعَوَاتِ، ولْيَختِمْ دُعاءَه بآمين وَلْيُكْثر من التَّسبِيحِ والتحْميد والتكْبيرِ والتهليلِ، وأفْضَلُ ذَلِكَ ما رَوَاهُ الترْمِذِي وغَيْرهُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: "أَفْضَلُ الدعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ وأفْضَلُ ما قُلْتُ أنا والنَّبِيونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِله إلا الله وحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُلكُ وَلَهُ الْحَمْدُ (٢) وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ". وَفِي كِتَابِ التِّرمذِي عَنْ عَلِيّ رضي الله عَنُهُ قَالَ: أكْثَرُ ما دَعَا بِهِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ في الْمَوْقِفِ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالذِي تقُولُ وَخَيراً ممّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاَتِي وَنُسُكِي (٣) وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي وإلَيْكَ مَآبي وَلَكَ رَبي تُرَاثِي (٤)، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَة الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الأَمْرِ، اللَهُمَ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ شَر مَا تجيءُ به الريحُ" (٥).


(١) ظاهره أن تحري إتيان الدعاء من غير لحن مكروه كالسجع وهو ظاهر. وإلا ففيه تفصيل محصله أن تجنب اللحن مِن القادر شرط في الدعاء وعليه يحمل حديث: "لا يقبل الله دعاءً ملحوناً" وأما غير القادر فلا يقدح اللحن في الدعاء ويعذر فيه.
(٢) زاد أحمد بعده في رواية: (بيده الخير).
(٣) أي عبادتي.
(٤) أي إرثي إذْ لا ملك لأحد.
(٥) أي من العذاب.

<<  <   >  >>