للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيُسْتَحَب أنْ يُكْثِرَ مِن التلْبِيَةِ رَافِعاً بهَا صَوْتَهُ وَمِنْ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيَنْبَغِي أنْ يَأْتي بِهَذِهِ الأَنْوَاعِ كُلهَا فَتَارَةً يَدْعُو وَتَارَةً يُهَلّلُ وتَارَةً يُكبر وتَارَة يُلَبي وتَارَة يُصَلِّي عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وتارة يَسْتَغْفِرُ ويَدعو منفرِداً وَمَعَ جَمَاعَة وَلْيَدْعُ لِنَفْسِهِ وَوَالِدَيْهِ وَأقارِبِهِ وَشُيُوخِهِ وأصْحَابِهِ وأحْبَابِهِ وَأصدقَائِهِ وَسَائِرِ مَنْ أحْسَنَ إِلَيْهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلْيَحْذَرْ كلَّ الحذَرِ مِنَ التقصير فِي ذَلِكَ فَإنَّ هذَا الْيَوْمَ لاَ يُمكنُ تَدَارُكُهُ بِخِلاَفِ غَيْرِهِ وَيُسْتَحَب الإِكْثَارُ مِنَ الاسْتِغْفَارِ والتَّلفظِ بالتّوبَةِ مِنْ جَميعِ الْمخَالَفَاتِ مَعَ الاعتقَادِ بالقلبِ وَأنْ يُكْثِرَ مِنَ البكَاءِ مع الَذكْرِ والدُّعَاءِ فهُناكَ تُسْكَب العبرَاتُ (١) وتُستقَالُ العثَراتُ وتُرْتَجى الطلَبَاتُ وَإنّهُ لمجْمعٌ عَظِيم (٢) وَمَوْقِفٌ جَسِيم يَجْتمع فيهِ خِيَارُ عِبَادِ الله الْمُخْلِصِينَ وَخَواصّهُ المقَربينَ وَهُوَ أعْظَم مجَامعِ الدُّنْيَا وَقِيَل: إذا وافَقَ يومُ عَرَفَة يَوْمَ جُمُعة غُفِرَ لِكُل أهْل الْمَوقِفِ (٣) وَثَبَت فِي صَحِيحِ مُسْلِم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ما مِنْ يَوْم أكْثَرُ من أن يُعتِقَ الله تَعَالَى فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يوم عَرَفَةَ وإنَّهُ يُبَاهِي بهم الملائِكَةَ يقُولُ مَا أرَادَ هَؤلاءِ".


(١) أي من الأعين لما استحضره مما فرط من الذنوب. وقوله: "وتستقال العثرات" أي تغفر الذنوب.
(٢) أي عدداً وقَدْراً. جاء أنه لا ينقص عن ستمائة ألف إنسان فإن نقص كمل بالملائكة.
(٣) قال المحشي رحمه الله تعالى: هذا الذي حكاه بـ "قيل" حديث رواه العز بن جماعة رحمه الله بلفظ (إذا كان يوم عرفة يوم جمعة غفر الله لكل أهل الموقف) واستشكل بأنّ الله تعالى يغفر لأهل الموقف فما وجه تخصيص يوم الجمعة؟ وأجاب البدر بن جماعة رحمه الله بأنه يحتمل أن الله تعالى يغفر للجميع يوم الجمعة بغير واسطة وفي غيره يهب قوماً لقوم. =

<<  <   >  >>