(٢) قال في الحاشية وما صححه هنا كالروضة من بقاء الرمي للغروب مراده به وقت اختياره وإلا فوقت أدائه لا يفوت إلا بآخر أيام التشريق كما يأتي تحقيقهُ أخذاًً من كلامه وله وقت فضيلة سيأتي. اهـ. أقول: تبين من هذا أن لرمي جمرة العقبة أربعة أوقات. الأول: وقت دخوله بنصف ليلة يوم النحر ويسمى الحج الأكبر لأن معظم أعمال الحج فيه كما تقدم. الثاني: وقت فضيلة ما بين ارتفاع الشمس وزوالها. الثالث: وقت اختيار إلى آخر يومه. الرابع: وقت جوازه إلى آخر أيام التشريق الثلاثة، وبهذا قال أحمد إلا أنه لا يجيز الرمي ليلاً لمن تخلف عن الرمي نهاراً بلْ يرمي من الغد بعد الزوال، والشافعي يجيز الرمي ليلاً ويعده أداء، مستند الشافعي قوله - صلى الله عليه وسلم - للسائل الذي أخر الرمي إلى المساء "ارم ولا حرج" ولما أخرجه مالك عن نافع رحمهما الله تعالى أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر رضي الله عنهم نفست بالمزدلفة فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما ابن عمر رضي الله عنهما: (أن ترميا فرمتا، ولم ير عليهما شيئاً). وبقول أحمد قال أبو حنيفة كما في المغني لابن قدامة، لكن قال الشبلي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق في الفقه الحنفي كما في أضواء البيان للعلامة محمد أمين الشنقيطي رحمه الله: ولو أخر الرمي إلى الليل رماها ولا شيء عليه لأن الليل تبع اليوم في مثل هذا كما في الوقوف بعرفة فإنْ أخَّره إلى الغد رماها وعليه دم، وقال مالك يرميها ليلاً قضاءً لأن مذهبه قضاء الرمي الفائت في الليل وغيره وعليه الهدي.