للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابعة عشرة: يُسْتَحَبُّ للإمَامِ أَنْ يَخْطُبَ في الْيَوْمِ الثانِي مِنْ أَيامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَهِيَ آخِرِ خُطَبِ الْحَجّ الأَرْبَعِ وَيُعَلِّمُهُمْ جَوَازَ النَّفْرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ طَوَافِ الْوَداع وَغَيْرِهِ ويُوَدّعُهُمْ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ الله تَعَالَى وَعَلَى أنْ يَخْتِمُوا حَجهُمْ بالاْسْتِقَامَةِ والثَّبَاتِ عَلَى طَاعَةِ الله تَعَالَى وَأَنْ يَكُونُوا بَعْدَ الْحجِّ خَيْراً مِنْهُمْ قَبْلَهُ وَأَنْ لاَ يَنْسَوا ما عَاهَدُوا الله تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ خَيْر وَالله أعْلَمُ.

الخامسة عشرة: في حكْمَةِ الرَّمْي اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الْعِبَادةِ الطَّاعَةُ، والعِبَادَاتُ كُلهَا لَهَا مَعَان قَطْعاً فإِنَّ الشَّرْعَ لاَ يأْمُرُ بِالْعَبَثِ، ثُمَّ مَعْنَى الْعِبَادَاتِ قَدْ يَفْهَمُهُ المُكَلَّفُ وَقَدْ لاَ يَفْهَمُهُ فَالْحِكْمَةُ في الصَلاَةِ التَّواضُعُ وَالخُضُوعُ والخُشُوعُ وإِظْهَارُ الافْتِقَارِ إِلَى الله تَعَالَى والحِكْمَةُ في الصَّوْمِ كَسْرُ النَّفْسِ وَفِي الزكَاةِ مُوَاساةُ المُحْتَاج وَفِي الحَجِّ إِقْبَالُ الْعَبْد أشْعَثَ أغْبَرَ مِنْ مَسَافَة بَعِيدة إِلَى بَيْت فَضَّلَهُ الله تَعَالَى وَشَرَفَهُ كَإِقْبَالِ الْعَبْدِ إِلى مَوْلاَهُ ذَلِيلاً، وَمِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتي لاَ تُفْهَمُ مَعَانِيهَا السَّعْيُ وَالرَّمْيُ فَكُلّفَ الْعَبْدُ بِهَا لِيَتِمَّ انْقِيادُهُ فَإِنَّ هَذَا النَّوْعَ لاَ حَظَّ للنَّفْسِ فِيهِ وَلاَ أُنسَ لِلْعَقْلِ بِهِ فَلاَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ إِلا مُجَرّدُ امتِثَالِ الأَمْر وَكَالِ


= أقول: من باب ذكر الشيء بالشيء لا من باب التطاول على من لست أساوي وسخ أنعلهم: أحفظ قصة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أطال مرة في صلاة الصبح فقيل له كادت الشمس أن تطلع فقال: (لو طلعت لوجدتنا في صلاة) أو كما قال. فهنا في المسألة الأولى اجتهد النافر ورمى الجمار بعد الزوال وحمل خيامه بعد طرحها وأثاثه على سيارته وأخذ في المسير ناوياً النفر وعرض له ما يمنعه من السير، ولا يستطيع أن يتحرك يمنة ولا يسرة ولا القهقرى وجندي المرور يقول له: سِرْ أمامك لا تقف وإلا أوجعتك ضرباً ألا يجوز للنافر أن يقول على نحو قولة الصديق (لو غربت لوجدتنا في نفر) أي غير غافلين، اقتداءً بإمام الصديقين رضوان الله على الصحب وعلينا معهم والمسلمين والمسلمات أجمعين آمين.

<<  <   >  >>