للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَجِبُ العُمرة إِلا مَرَّةَ وَاحِدةً كَالْحج (١) وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الإِْكْثَارُ (٢) مِنْهَا لاَ سِيَّمَا


= وقال مالك وأبو حنيفة أنها سنة في العمر وهي الرواية الثانية عن أحمد كما في المغني لابن قدامة، واستدلوا بحديث جابر رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ ... فقال: "لا وأن تعتمر خيرٌ لك" وفي رواية "أولى لك" رواه أحمد والترمذي وصححه والبيهقي وغيرهم وبحديث "الحج جهاد والعمرة تطوع". وأجاب الموجبون للعمرة عن سؤال الأعرابي بأنه حديث ضعيف وتصحيح الترمذي له مردود لأن في إسناده (الحجاج بن أرطاة)، وأكثر أهل الحديث على تضعيفه، وقال ابن حجر في التلخيص كما في أضواء البيان: وفي تصحيحه نظر كثير من أجل (الحجاج) فإن الأكثر على تضعيفه والإتفاق على أنه مدلس، وقال النووي ينبغي ألا يغتر بكلام الترمذي في تصحيحه فإنه اتفق الحفاظ على تضعيفه. وأجابوا عن حديث (الحج جهاد والعمرة تطوع) بأنه روي بأسانيد لا يصح منها شيء. قال ابن حجر في التلخيص كما في أضواء البيان بعد ذكر أسانيده: ولا يصح من ذلك شيء. اهـ. وأجاب مخالفوهم عن آية: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] بأنها لوجوب إتمام العمرة بعد الشروع فيها، من غير تعرض إلى حكم ابتداء فعلها. وأجابوا عن حديث: "الحج والعمرة فريضتان" ... الحديث. وبأن في إسناده: "إسماعيل بن مسلم المكي" وهو ضعيف لا يحتج به. وأجابوا عما جاء في حديث سؤال جبريل (وأن تحج وتعتمر) بأن الروايات الثابتة في صحيح مسلم وغيره ليس فيها ذكر العمرة. قال صاحب الأضواء رحمه الله تعالى: وقد يجاب عن هذا بأن زيادة العدول مقبولة. اهـ. وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليهم جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" بأن لفظه (عليهن) ليست صريحة في الوجوب فقد تطلق على ما هو سنة مؤكدة، وإذا كان محتملاً لإرادة الوجوب والسنة المؤكدة لزم طلب الدليل بأمر خارج وقد دل دليل خارج على وجوب الحج ولم يدل دليل خارج يجب الرجوع إليه في وجوب العمرة والله أعلم.
(١) تقدم الكلام عليه قريباً.
(٢) إن لم يشغله ذلك عما هو أهم منه سواء كان مكياً أو آفاقياً، وهل يباح تكرار العمرة في السنة أو يكره قال بالكراهة مالك جاء في كشاف القناع للعلامة منصور البهوتي الحنبلي: ويكره الإكثار منها والموالاة بينها نصاً واستدل مالك بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل التكرار: وأباحه الباقون مستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها: (أنها أَهلت بعمرة فقدمت ولم =

<<  <   >  >>