قال الطبري رحمه الله تعالى في كتابه (القِرى لقاصد أم القُرى): وجه الدلالة من حديث عائشة أنه ثبت أنها قدمت محرمة بعمرة ثم أدخلت الحج عليها بأمره - صلى الله عليه وسلم - ثم أعمرها - صلى الله عليه وسلم - من التنعيم فحصلت لها العمرتان في ذلك العام ولم يكن بينهما عشرة أيام. اهـ. أقول: وروي عن ابن المسيب كما في القرى أن عائشة اعتمرت في سنة واحدة مرتين من ذي الحليفة ومرة من الجحفة. وروي عن أنس رضي الله عنه أنه كان إذا حَمَّمَ رأسه (أي اسود بعد الحلق في الحج بنبات الشعر) والمعنى أنه كان لا يؤخر العمرة إلى المحرم بل كان يخرج إلى الميقات، ويعتمر في ذي الحجة، هكذا ذكره الجوهري وابن الأثير وقيده بالمهملة ومن عوام الرواة من يرويه بالجيم يذهب به إلى الجمة والمحفوظ بالمهملة، ووجه الدلالة على التكرار أن الظاهر من حاله أنّ هذه عادته كلما اسود شعره من حلق في نسك خرج وأتَى بآخر. اهـ. (١) أي لأنها فيه أفضل منها في غيره للحديث الذي سيذكره المصنف عن ابن عباس عنه - صلى الله عليه وسلم -: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" أخرجه ابن حبان. وفي رواية البخاري (تقضي حجة) أو (حجة معي). فإن قيل إن عُمَرَهُ - صلى الله عليه وسلم - الأربع وقعن في غير رمضان أي في ذي القعدة. أجيب بأن قصده عليه الصلاة والسلام رد ما كانت عليه الجاهلية من منع العمرة في الأشهر الحرم بالفعل كالقول والله أعلم. فالعمرة الأولى وهي التي أحصر عنها - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية وقعت سنة ست من الهجرة في ذي القعدة. والثانية عمرة القضاء أي الأمر الذي قاضى عليه - صلى الله عليه وسلم - قريشاً وقعت سنة سبع في =