(الثانية): حكم جزاء الحرم كجزاء الإحرام فيتخير بين المثل والإطعام والصيام هذا مذهبنا، وبه قال الأكثرون منهم: مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا مدخل للصيام فيه، قال: لأنه يضمنه ضمان الأموال بدليل أنه يضمنه لمعنى في غيره وهو الحرم فأشبه مال الآدمي. دليلنا: القياس على صيد الإحرام ولو سلك به مسلك مال الآدمي لم يدخله المثل والإطعام وليعتبر نقد البلد، ولأن هذا المعنى موجود في صيد الإِحرام، وينتقض ما قالوه أيضاً بكفارة القتل. (الثالثة): إذا صاد الحلال في الحل وأدخله الحرم فله التصرف فيه بالبيع والذبح والأكل وغيرها ولا جزاء عليه، وبه قال مالك وداود، وقال أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز ذبحه بل يجب إرساله، قالا: فإن أدخله مذبوحاً أكله وقاسوه على المحرم، واستدل أصحابنا بحديث أنس أنه كان له أخ صغير يقال له أبو عمير وكان له نغر يلعب به فمات النغر. فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير" رواه البخاري ومسلم وموضع الدلالة أن النغر من جملة الصيد، وكان مع أبي عمير في حرم المدينة ولم ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم - وأيضاً فإن الذي عنى الشرع منه صيد الحرم وهذا ليس بصيد حرم، وقياساً على مَنْ أدخل شجرة من الحل أو حشيشاً والله أعلم. (الرابعة): إذا أرسل كلباً من الحل على صيد في الحرم، أو من الحرم على صيد في الحل لزمه الجزاء، وقال أبو ثور: لا يلزمه. اهـ. قال ابن قدامة في مغنيه رحمه الله تعالى: وإذا رمى الحلال صيداً في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيداً على =