للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَحِمَهُمُ اللهُ وَجَمَاهير الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَف وَالخَلَفِ، وَقَال أحمد بن حَنْبَل لا يُجْزيه الحَجُ بِمَالٍ حَرَامٍ (١).

السَّادِسَةُ: يُسْتَحَب أنْ يَسْتكثِرَ مِنْ الزادِ وَالنَّفَقَةِ (٢) لِيُواسِيَ مِنْهُ الْمُحْتَاجِين وَلْيَكُنْ طَيباَ لِقَوْلهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا (٣) الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] وَالمُرَادُ بالطيبِ هُنَا (٤) الْجَيد (٥) وِبالْخَبيثِ الرَديء ويَكُونُ طَيبَ النَّفْس بِمَا يُنفقُهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى القَبول.

السَّابعةُ: يُسْتَحَب تَرْكُهُ المُمَاحَكَة (٦) فيمَا يَشْتَرِيه لأسْبَابِ حَجه وكَذَا كل


= الحاشية فلعل قوله رحمه الله تعالى المذكور عائد إلى الحرام، فقط، وأما ما فيه شبهة فإنه يخشى عليه أن تكون تلك الشبهة حراماً فلا يكون حجاً مبروراً وحيث وجدت الشبهة فليجتهد في حل قوته ذهاباً وإياباً، وإلا فذهاباً فقط، وإلا فمن الإِحرام إلى التحلل، وإلا فيوم عرفة، وإلا فليلزم قلبه الخوف، لما هو مضطر إليه من تناول ما ليس بطيب فعسى الله أن ينظر إليه بعين الرحمة ويتجاوز عنه بسبب حزنه وخوفه وكراهته.
(١) لما أخرجه الطبراني من جملة حديث: (وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز (أي الركاب) فنادى لبيك لبيك ناداه منادٍ من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور) وقال الشاعر رحمه الله تعالى:
إذا حججت بمال كله سُحُت ... فما حججت ولكن حَجت العِير
(٢) أي بلا تكلف، وفي الحديث: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف".
(٣) أي لا تقصدوا.
(٤) أي في هذا الموضع احترز به عن الطيب في غيره فإنه كثيراً ما يستعمل بمعنى الحلال فقط.
(٥) الجيد أي المستحسن عند أهل تلك الناحية فيما يظهر ومحله إن لم يعلم محبة المعطَي لشيء بخصوصه، وإلا فإعطاؤه ما يحبه أولى وإن لم يكن جيداً عند غيره.
(٦) المماحكة في الأصل الخصومة وهنا معناها المشاحة فيما يعامل فيه: أي إذا =

<<  <   >  >>