للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ مَكَّةَ) ويُسْتَحب أنْ يكُون باكراً لحديث صخْر الغَامدي رضي اللهُ عَنْهُ أن النبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اللهُمَّ بَارِكْ لأُمتي في بُكُورِهَا" وَكَانَ إذَا بَعَثَ جَيْشاً أوْ سَرِية بَعَثَهُمْ مِنْ أول النهار وَكَانَ صَخْرٌ تَاجراً فَكَانَ يَبْعَثُ بتِجَارَته أول النهَارِ فَأَثْرَى وكَثُرَ مَالُهُ. رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ والترْمذِي (١) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

الرَّابِعَةِ عَشرة: يُسْتَحَبُّ إذَا أرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزلهِ أنْ يُصَليَ ركْعَتَيْن (٢) يقْرأ في الأولَى بَعْدَ الْفَاتِحَة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وفي الثَّانِية {قُل هُوَ


= الأيام بسبب كون القمر في العقرب أو غيره، ولَمَّا قِيْلَ لعلي كرم الله وجهه ورضي عنه: (أتلقى الخوارج والقمر في العقرب، قال: فَأَيْن قمرهم). وقال له مُنَجم: سِرْ ساعة كذا تظفر. فقال: (ما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - مُنَجم ولا لنا مِنْ بعده)، واحتج بآيات ثم قال: (فمنْ صَدقَكَ في هذا القول لم يأمنْ أنْ يكون كمن اتخذ من دون الله نِدَّاَ، اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، نكذبك، ونخالفك، ونسير في الساعة التي نهيتنا عنها)، ثم قال للناس: ألا إياكم وتَعَلم النجوم إلا ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر، المنجم كالكافر، ثم توعد المنجم بأنه إنْ لم يتب ليخلدنه في الحبس، وليحرمنه العطاء، ثم قاتل الخوارج في الساعة التي نهاه عنها فظفر بهم، وهي وقعة "النهروان الثانية".
ونقل ابن رُشْد رحمه الله تعالى أن الإمام مالكاً رحمه الله لم يكن يكره شيئاً في يوم من الأيام بل كان يتحرى الأربعاء والسبت رداً على مَنْ يتشاءم بهما وأراد مَلِكٌ غزواً في وقتٍ، فحذره المنجمون منه. فأنشد:
دع النجوم لطرقي يعيش بها ... وانهض بعزم صحيح أيها الملك
إن النبي وأصحاب النبي نهوا ... عن النجوم وقد أبصرتَ ما ملكوا
فخالفهم وظفر وغنم.
وهذا الخليفة المعتصم العباسي رحمه الله أراد غزو عامورية في وقت فنهاه المنجمون عن غزوها في هذا الوقت فلم يلتفت لقولهم بل غزاها وانتصر وفي هذا يقول البحتري رحمه الله في قصيدته التي مطلعها:
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحدُّ بين الجد واللعب
(١) أي والنسائي وابن ماجه.
(٢) كيفية نيتهما أنْ ينوي بقلبه سنة الخروج من البيت للسفر.

<<  <   >  >>