للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وَثَبَتَ في الْحَديث المُجْمَعِ عَلَى صِحَّتِهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهَ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنيات" ويَنْبَغِي لِمَنْ حَج حَجةَ الإِسْلاَمِ وَأَرَادَ الْحَج أن يحج مُتبَرعاً مُتَمَحضاً لِلْعِبَادةِ فَلَوْ حَج مُكْرياً جِمالَهُ أوْ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ.

وَلَوْ حَج عَنْ غَيْرِهِ كَانَ أعْظَمَ لأجْرِهِ (١) وَلَوْ حَج عَنْهُ بأُجْرَةِ فَقَدْ تَرَكَ الأَفْضَلَ لَكِنْ لاَ مَانع مِنْهُ وَهُوَ مِنْ أطْيَبِ الْمَكَاسِبِ فَإِنهُ يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ هَذِهِ الْعِبَادَةُ العَظيمَةُ ويحصلُ لَهُ حُضُورُ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ الشَريفة فَيَسْألُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ.

الثالثة عشرة: يُسْتَحَب أنْ يَكُونَ سَفَرُهُ يَوْمَ الْخَمِيس فَقَدْ ثَبَتَ في الصَحيحَيْنِ عَنْ كَعْب بن مَالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: (قَلَّمَا خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَر إلا يَوْمَ الخَمِيس فَإنْ فَاتَهُ فَيَوم الاثنين (٢) إذ فيه هَاجَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) من دلائله ما رواه الهروي رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله عنهما: (من حَج عن ميت يكتب للميت حجة، وللحاج سبع حجات)، وللدارقطني رحمه الله تعالى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حج عن أبيه أو عن أمه فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج).
(٢) فإنْ فاته يوم الاثنين، قال في الحاشية: فالذي يظهر أن الأولى يوم السبت لما روي من أنه - صلى الله عليه وسلم -: خرج في بعض أسفاره يوم السبت. ومن قول عمرو بن أم مكتوم يرفعه: لو سافر الرجل يوم السبت: (منْ شرق إلى غرب لرده الله تعالى إلى موضعه).
قيل: ويكره السفر ليلة الجمعة لخبر: (إذا سافر الرجل ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه).
ذكره الغزالي في الخلاصة، وفي الكراهة نظر، وقد يقال: تحتمل الكراهة إنْ قصد الفرار من الجمعة، ويحرم السفر بعد فجرها على من لزمته ما لم يخش انقطاعاً عن رفقته أو تمكنه من طريقه.
ثم نصهم على ندب السفر في هذه الأيام صريح في عدم ندبه في غيرها لكن لا من جهة تطير ونحوه، لحرمة رعاية ذلك، فقد قال ابن جماعة: (ولا يكره السفر في يوم من =

<<  <   >  >>