للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأشْفَقُ عليهِ في أمُورِهِ (١) ثُمَّ يَنْبَغِي (٢) له أنْ يَحْرِصَ على رِضَا رفيقِهِ في جَميعِ طَريقِهِ وَيَحْتَمِلُ كُل وَاحِدِ صَاحِبه وَيَرَى لصاحبه عَلَيْهِ فَضْلاً وَحُرْمَةً وَلاَ يَرَى ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَيَصْبِرُ عَلَى مَا وَقَعَ منه فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ مِنْ جَفَاءِ وَنَحْوهِ فَإِنْ حَصَلَ بَيْنَهُمَا خِصَامٌ دَائمٌ وَتنكَّدَتْ حَالتهُمَا وَعَجَزَ عَنْ إصْلاَحِ الحَالِ اسْتُحِبّ لَهُمَا تَعْجِيلُ الْمُفَارَقَةِ (٣) ليَسْتَقِرَّ أمْرُهُمَا وَيَسْلَم حَجهُمَا مِنْ مُبْعِدَاتِهِ عَنْ الْقَبُولِ وَتَنْشَرِحَ نُفُوسُهُمَا لِمَنَاسِكِهِمَا وَيَذْهَبَ عَنْهُمَا الحِقْدُ (٤) وَسُوءُ الظَنِّ والكَلاَمُ في الْعِرضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النقَائِصِ الَّتي يَتَعَرّضان لَهَا.

الثانِيةَ عشرة: يُسْتَحَبُّ أَنْ تكونَ يَدُهُ فَارغَةً مِنْ مَالِ التِّجَارَة ذاهباً وَرَاجعاً فَإن ذَلِكَ يَشْغَلُ القَلْبَ، فَإنْ اتَّجَرَ لَمْ يُوَثِّرْ ذَلِكَ في صِحَةِ حَجِّهِ (٥) وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الإِخْلاصِ في حَجهِ وَأَنْ يُريدَ به وَجْهَ اللهِ تَعَالَى. قَالَ اللهُ تَعَالَى:


(١) أي محل اختيار تقديم القريب إذا وثق منه العون والشفقة وإلا استوى هو والأجنبي بل ربما يكون الأجنبي أولى إلا أن يكون للقريب مبرة تصل إليه فيقدمه لأن الصدقة عليه أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح" أي العدو أو نحوه.
(٢) أي يندب وربما يجب في بعض الصور وينبغي له أيضاً أن يصحب مماثله أو دونه في الإِنفاق. قال الإِمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى: (لا تصحب من هو أكثر شيئاً منك فإنك إنْ ساويته في النفقة أضَر بك، وإنْ تفضل في الإِنفاق عليك استذلك).
(٣) وقد تجب المفارقة في بعض الصور، كما إذا غلب على ظنه وقوع محذور، إلا إنْ أدتْ المفارقة إلى خطر أعظم كضياع عديله العاجز عن المشي والركوب في غير محمل فتمتنع.
(٤) الحقد: هو الانطواء على العداوة والبغضاء.
(٥) أي والثواب بقدر باعث الدين، وإنْ غَلَبَ باعث الدنيا قيل لا شيء له من الأجر مطلقاً، وهذا إنْ كان قَصْد التجارة لأجل نمو المال هو الغرض، فلو قَصَدَ بالتجارة كفاية أهله والتوسعة عليهم أو على أهل الحرم، فله الثواب كاملاً لأنه ضم أخرَوِياً إلى أخْرَوِي. اهـ عمدة.

<<  <   >  >>