للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالاثْنَان شَيْطَانَان، وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ" فَيَنْبَغِي أنْ يَسيرَ مَعَ النَّاسِ وَلاَ يَنْفَرِدُ بَطِريق ولا يَرْكَبُ بنياتَ (١) الطَّريقِ فإنَّهُ يخافُ عليه الآفاتُ بسبَبِ ذَلِكَ وإِذَا تَرَافَقَ ثَلاَثَةٌ أوْ أكْثَرُ فَيَنْبَغِي أنْ يُؤَمِّرُوا على أَنْفُسِهِمْ أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدهمْ (٢) رَأياً ثُمَّ ليُطيعوهُ، لحَدِيثِ أبي هُرَيْرَة رضي الله عَنْهُ أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانُوا ثَلاَثَةً فَلْيُؤَمِّرُوا أحَدهمْ" رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَن.

الْحَادِيَةُ والعِشْرُون: يُكْرَهُ أنْ يَسْتَصْحِبَ كَلْباً أو جَرَساً لحديث أمِّ الْمُؤْمِنين أم حَبيبةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ العِيرَ التي فيها الجَرَسُ لا تَصْحَبُهَا الْمَلاَئِكَةُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بإسْنَادٍ حَسَنٍ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله تعالى عنه أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ تَصْحَبُ الْمَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْب أو جَرَسٌ". حَدِيثٍ صَحيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي الحديث في سُنن أبي دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أنْ النَبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الْجَرَسُ مِزمَارُ الشَّيْطَانِ" قَالَ الشَّيْخُ أبُو عَمْرو بن الصَّلاَح رَحِمَهُ الله تعالى: فَإنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِك مِنْ جِهَةِ غيْرِه ولم يَستْطعْ إزَالتهُ فَلْيقُلْ: اللَهُمَّ إِنَي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا فَعَلَهُ هَؤُلاَءِ فَلاَ تَحْرِمَني ثَمَرَةَ صُحْبةِ ملائِكَتِكَ (٣) وَبَرَكَتَهُم.


= الكراهة لا تزول إلا بثلاثة وهو كذلك ومحله فيمن أنس بالناس، وأما مَنْ استوحش منهم واستأنس بالله في كثير من أوقاته فلا كراهة، ومحله أيضاً كما هو ظاهر إذا تيسر استصحاب أحد له، وإلا كانْ احتاج للسفر ولم يخشَ بتفرده على نفسه ضرراً فلا كراهة أيضاً والله أعلم.
(١) بنيات الطريق: يمناها ويسراها، بل يمشي وسطها لئلا يغتال فيبعد عليه الغوث، وينبغي ألا ينام بعيداً عن الطريق والركب سائر.
(٢) وإذا تعارض الأفضل والأجود رأياً قدم الأجود رأياً لأن حفظ مضار السفر هو المقصود بالذات لأن التأمير إنما طلب لذلك.
(٣) أي ملائكة الرحمة والبركة، قال في الحاشية: والظاهر أن من قال ما ذكره =

<<  <   >  >>