للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّاسِعَةَ عَشرة: أنْ يَتَجَنَّبَ الشَّبَعَ المُفْرِط (١) وَالزينَةَ والتَّرَفُّه (٢) والتَّبَسُّطَ في ألْوَانِ الأَطْعِمَةِ (٣) فَإِنَ الحَاجَ أشْعَثُ أغْبَرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرِّفْقَ وَحُسْنَ الْخُلقِ مع الْغُلاَم والجَمّالِ والرَفِيقِ وَالسَّائِلِ وَغَيْرهم وَيَتَجَنَّب الْمُخَاصَمَةَ وَالْمُخَاشَنَةَ وَمُزَاحَمَةَ النَاسِ فِي الطَّرِيقِ وَمَوارِدِ المَاءِ إِذا أمْكَنَهُ ذَلِكَ وَيَصُونُ لِسَانَهُ مِنَ الشَّتْمِ وَالْغَيْبَةِ وَلَعْنَة الدَوَاب (٤) وَجَمِيعِ الأَلْفَاظِ الْقَبيحَةِ. وَلْيُلاَحِظْ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَج فَلَمْ يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُه" وَيَرْفُقُ بالسَّائِلِ وَالضعِيفِ ولا يَنْهَرُ أحَداً مِنْهُمْ وَلاَ يُوَبخُهُ عَلَى خُرُوجهِ بلا زَادَ ولاَ رَاحِلَة بَلْ يُوَاسِيهِ بشَيء مِمَّا تَيَسَّرَ فَإنْ لم يَفْعَلْ رَدَّهُ رَدَّا جَمِيلاً وَدَعَا لَهُ بالمَعُونَةِ (٥).

العِشْرُون: كَرِهَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الوحْدَةَ في السَّفَرِ، وَقَالَ: "الرَّاكِبُ (٦)


(١) ضابط الشبع أن يصير بحيث لا يشتهي لا أنْ لا يجد له مساغاً وقوله: المفرط: قيد به لتأكد تجنبه حينئذ وإلا فأصْل الشبع مطلوب تجنبه للوارد: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" أو كما ورد.
(٢) الترفه والتنعم هنا الزينة والتبسط: ألفاظ مَعَانيها متقاربة أخذاً من القاموس وغيره.
(٣) محله إذا كان يفعل التبسط لنفسه أما لنحو ضيف فلا بأس به.
(٤) لما رواه مسلم رحمه الله تعالى: بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتضايق بهم الجبل، فقالت: حل اللهم إلعنها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصحبنا ناقة عليها لعنة".
(٥) قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: ٢٦٣]، وأما قول بعضهم في قوله تعالى وهو: {وَأَما اَلسائلَ فَلا تنْهَرْ (١٠)} محله ما لم يزد على ثلاث وإلا نهره ينبغي حمله على ما إذا ألح ولم يمكن دفعه إلا بذلك فحينئذ لا منع من أن ينهره لكن بما لا شتم فيه ولا إثم بل بنحو لا تجوز لك كثرة الإلحاح وخف الله في إلحاحك وما شابه ذلك مما لا يخفى على الموفق.
(٦) ومثل الراكب الماشي وآثر الراكب جرياً على الأغلب وظاهر الحديث: أن =

<<  <   >  >>