أجيب: باحتمال أنّ الله تعالى أطلع نبيه على أنه لا يموت حتى يحج، فيكون على يقين من الإدراك، قاله أبو زيد الحنفي، أو لاحتمال عدم الاستطاعة، أو حاجة خوف في حقه منعه من الخروج، ومنع أكثر أصحابه خوفاً عليه. وأجاب بعضهم بأن الحج لم يفرض إلا في السنة التاسعة وأن آية فرضه هي قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] وهي نزلت عام الوفود آخر سنة تسع، وهذا هو اللائق بهديه وحاله - صلى الله عليه وسلم -. واختلف الأئمة رحمهم الله تعالى في وجوب العمرة، فقالت الحنفية والمالكية ورواية عن الحنابلة بعدم وجوبها وعلى هذه الرواية يجب إتمامها إذا شرع فيها، والمذهب وجوبها كالشافعية مطلقاً على المكي وغيره كما تقدم من الآية والحديث لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد". وفي رواية للإمام أحمد: على أن العمرة لا تجب على المكي بخلاف غيره. قال الإِمام أحمد: كان ابن عباس رضي الله عنهما يرى العمرة واجبة ويقول: (يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطواف بالبيت) وهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. اهـ (مفيد الأنام ونور الظلام) للشيخ عبد الله بن جاسر رحمه الله تعالى. (١) أي لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحج بعد فرض الحج إلا مرة واحدة، وهي حجة الوداع ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حج حجة فقد أدى فرضه، ومن حج ثانية فقد داين ربه، ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبشره على النار". فلو ارتد شخص والعياذ بالله بعد الإِتيان بالحج والعمرة ثم أسلم لم يجبا عليه ثانياً، لأن الردة لا تحبط عمل مَنْ مات مسلماً وإن أحبطت ثواب عمله لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} فهذه الآية مقيدة لآية: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: ٥] وقد يستغني عن هذا القيد بعجز آية: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} =