قال الله مخبرًا عن رضاه عن الذين بايعوا يعة الرضوان: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها". رواه مسلم (٤/ ١٩٤٢). قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وقد علم بالاضطرار أنه كان في هؤلاء السابقين الأولين: أبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده عن عثمان لأنه كان غائبًا قد أرسله إلى أهل مكة ليبلغهم رسالته، وبسببه بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس لما بلغه أنهم قتلوه". اهـ. من "منهاج السنة" (٢/ ٢٧). وروى الشيعة عن أبي جعفر الباقر أن عدد الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة كان ألفًا ومائتين -وفي رواية- ألفًا وثلاثمائة. ولكن رغم تسليم الاثنى عشرية لهذه النصوص، فإنهم يرون أن الرضا الذي وقع في بيعة الرضوان، والمغفرة العامة لأهل بدر كلها مشروطة بسلامة العاقبة وعدم النكث. وترد عليهم المناظرة التي جرت بين إمامهم الخامس أبي جعفر الباقر وأحد الخوارج، فإن الباقر احتج على الخارجي بأحاديث في فضائل علي، والخارجي ردها بقوله: "أحدث الكفر بعدها"، فقال له أبو جعفر: "ثكلتك أمك، أخبرني عن الله أحب عليَّ بنَ أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم؟ قال: لئن قلت: "لا" كفرت. قال: فقال: "قد علم"، قال: "فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ " فقال: "على أن يعمل بطاعته"، فقال له أبو جعفر: "فقم مخصومًا". اهـ. من "الروضة من الكافي" للكيلي ص (٤٢١). وكذلك الصحابة -رضي الله عنهم- قد أخبر الله بأنه رضي عنهم، وأمر بالاستغفار لهم، والرضا من الله صفة أزلية لا أول لها، وهو سبحانه لا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى، ومن رضي اللهُ عنه لا يسخط عليه أبدًا، وخبر الله لا يُنسخ ولا يُبدل، ولا يجوز أن يتناقض أبدًا، ومن دفع خبر الله برأيه ونظره كان ملحدًا، انظر: "درء تعارض العقل والنقل" (٥/ ٢٠٨)]. اهـ. بتصرف من "موسوعة الدفاع عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم" للدكتور عبد القادر ابن محمد عطا صوفي ص (١٩١ - ٢٠٠).