يوساب الثاني وكيرلس السادس أطلقوا عليه لقب متى المسكون بشياطينه .. علاقة وصحبة بينهما تعدت علاقة أستاذ بتلميذه .. سنوات طويلة جمعتهما من الذكريات والآمال والطموحات والسعي والجهد المتواصل لتحقيق الأهداف واخضاع الكنيسة لفكر الجماعة .. رحلة طويلة بمراحلها ومحطاتها وصراعتها انتقلوا فيها بين الأديرة والخرابات والصحارى والمجاهل البعيدة عن العمران .. علاقة وصحبة وصف فيها شنودة معلمه متَّى المِسكين في كتاباته بأنه الأب الروحي له حتَّى قبل انضمامه لسلك الرهبنة. . لهذا الحد كانت قناعة شنوده بمعلمه وحبه وافتخاره للانتساب إليه ..
وإذا بتلك المشاعر والولاءات كأن لم تكن .. سراب بقيعة .. انقلب كل منهما على الآخر في حرب سرية حاولت الكنيسة تكتم أحداثها ولكن فاحت رائحتها الكريهة وطافت برياحها كل كنائس مصر ..
تغيرات لم تعرف أسبابها ولا دوافعها غير هجوم متواصل من الراهب متى على سياسة شنوده وإحساس كبير بالندم والمرارة لمساعدته على توليه حكم الكنيسة .. وعندما سئل عن أسباب تمرده على سياسة شنودة ولم يكن شنودة قد وصل إلى تلك المرحلة الَّتِي هو عليها الآن من التبجح في إعلانه على مطامعه في جرأة ووقاحة .. قال متَّى المِسكين دون أن يفصح عن التفاصيل الَّتِي مؤكد أنها تدينه ..
قال:(حين تتحجب الحقيقة تتعتم الرؤية فتتعثر المسيرة ويضيع الهدف) ..
لم يستطع الإعلان عن الحقيقة الَّتِي هو جزء أساسي فيها .. ولم تكن له الجرأة لكشف الرؤية بوضوح وسرد التفاصيل الَّتِي تدينه أخلاقيًا وقانونيا ودينيا .. ولم يكن ليفصح عن نوعية تلك المسيرة الَّتِي جمعته بشنودة والإعلان عن أهدافها .. فقط ألقى بعبارة من الفلسفات والألغاز الَّتِي لم يفهم أحد مغزاها ولا إلى أي شيء ترمي .. والَّتِي كان يعيها شنودة وتلاميذه وبطانته وهو على يقين أن الراهب متَّى المِسكين لن يستطع أن يبوح بأي تفاصيل تدينه وتلعنه وهو المعلم والأب الروحي والسبب فيما وصل إليه حال شنوده وتلاميذه الآخرين والذين ما زالوا الاعمدة الهامة والمسيطرين على مقاليد حكم الكنيسة .. والأمر الذي أدَّى أيضًا بشنودة إلى حرق جميع كتب متَّى المِسكين علانية بجميع كنائس مصر وعزله بأحد الأديرة ..
ووصلت اصداء تلك النزاعات في تقارير اعدتها الجهات الأمنية تلبية لرغبة السادات في الاطلاع على الأحوال الخاصة بالكنيسة .. وكانت من أهم الأسباب الَّتِي غيرت نظرة السادات للراهب متَّى المِسكين ..