وعودة إلى الستينات عهد كيرلس السادس حيث حاول جاهدا استمالة رجال الكنيسة بالصعيد وضمهم إليه .. ولكنه فشل فشلا ذريعا في اختراق الصعيد والسيطرة عليه واخضاعه لأهواء التعاليم المستجدة الَّتِي حلت محل تعاليم وقوانين الكنيسة القبطية والَّتِي دامت مئات السنين منذ أن صاغها الراهب أنطونيوس والراهب اثناسيوس في أواخر القرن الثالث والرابع الميلادي ..
كان كهنة الأقباط النصارى بالصعيد يرون أن تلك الجماعة نذير شؤم على الأقباط النصارى ..
ولم يكونوا ليقبلوا بتعاليمهم العنصرية .. امتنانا من أقباط الصعيد النصارى لجيرانهم من المسلمين الذين ضمنوا لكنائسم وأديرتهم الحماية ومنعوا أي اختراق أو بناء للكنائس الغربية بصعيد مصر ..
فلم تجرؤ الإرساليات على النزوح إلى الصعيد لقوة نفوذ العائلات المسلمة الَّتِي تصدت لأي تواجد لهم بكل قوة مما حفظ للكنيسة القبطية مكانتها المنفردة في الصعيد .. وأيضًا عرفانا بالجميل للمسلمين الذين تولوا حماية الأفراد الأقباط النصارى على مر العصور من بطش الغزاه .. حيث كان كثير من أقباط الصعيد تحت ولاية الأسر الكبيرة المسلمة الَّتِي وفرت لهم سبل الحماية والأمان وأيضًا رعايه فقرائهم وخصصت لهم جزء من أموال الزكاة .. حيث كان أغلب الأقباط النصارى بالصعيد من الفقراء وليسوا على الحال من الغنى الذي هم عليه الآن .. حتَّى إنه إلى وقت ليس ببعيد كان القبطي في الريف الصعيدى ينادي المسلم بلقب (عَمِّي) ..
لذا استعصى الصعيد بأصالته وطيبة أبنائه وشهامة رجالة أن يقتنع بأساليب المكر والنفاق والخداع الملازمة والمميزة لأفكار تلك الجماعة وأعضاءها ..
ولجأ بابا الأقباط النصارى كيرلس بمحأولة اختراق كنائس وأديرة الصعيد عن طريق أتباعه ممن لهم انتماءات وجذور قرابة بالصعيد ولكنهم جميعًا طردوا وكان الأسقف مينا بجرجا والكثير غيره ممن تصدوا لكل محاولات اختراق تلك الجماعة لكنائسهم وأديرتهم ورفضوا الولاء للكنيسة لحد التهديد بقتل كل من يجرؤ من تلك الجماعة وأتباع البابا الجديد على الاقتراب من مناطقهم غير معترفين بكيرلس السادس ولا كنيسته ..
وفضل كيرلس أن ينحي مشاكل الصعيد جانبا إلى أن ينتهي من تثبيت أمور كنيسته الجديدة.