وما أن مر على موت عبد الناصر سند الجماعة والمتغافل والمتجاهل بسلطاته عن أفعالهم عدة شهور حتَّى أعلن في وقت متقارب خلو كرسي البابوية في كل من مصر واثيوبيا .. أعلن وفاة بابا كنيسة الكرازة المرقصية الأرثوذكسية بالإسكندرية .. بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس في الثلاثاء ٩ مارس ١٩٧١ عن عمر يناهز ٦٨ عاما ورحلة رهبانية مثيرة بكل العجائب والأحداث الغريبة والأفكار والتنقلات عبر البلاد وبين الأديرة والخرابات بتل الطواحين والأماكن المهجورة ..
رحلة من العمر أخلص في كل مراحلها لأفكار وانتماءات متناقضة كل التناقض ومختلفة بكل تفاصيلها وولائها وأهدافها وحتى في صحبتها .. رحلة من العمر اثبت بذكائه وقدراته تميزه بشخصيته القيادية في كل مراحلها .. رحلة عمر أشبه برسم بياني تقوم عليه دراسات لتحليل مسارات خطوطه من ارتفاعات مفاجئة لانخفاضات مدوية لانتقالات وقرارات غير متوقعة مفاجئة اذهلت كل من عرفوه .. وفي كل فترات العمر بذل وأعطى كل ما يستطيع رغم كم الاختلافات العقائدية والمنهجية لأسلوب الحياه بكل فترة .. حتى أسمائه تعددت ..
ببداياته العلمانية اشتغل بشركة كوكس للسياحة وشركات الملاحة الكبرى وأبلى فيها بلاءا حسنا واغتنم أعلى المكانة الوظيفية في أقصر وقت وأصبح من قياديّ الشركة وكسب ثقة رؤسائه وأمسك بمقاليد الإدارة بها وهو ما زال في سن صغيرة دون الثامنة والعشرين ..
وانتقل بشكل مفاجىء وبقرارات مصيرية اتخذها بتصميم وإصرار لحياة الرهبانية رادمًا بالتراب على كل سنواته العلمانية ليولد من جديد كراهب باسم جديد ويعلن وفاة عازر يوسف عطا ليصبح الراهب مينا البراموسي .. ويبذل كل ما لديه من مهارات ليتألق ويلمع نجمه ويخطف الأضواء من رهبان فاقوا عمره أضعاف .. وتمضى حياته العجيبة بين الأديرة والعقوبات والمؤامرات والأحداث الغريبة والصحبة الأكثر غرابة ..
ويتغير اسمه إلى الراهب مينا المتوحد .. ثنم تنتقل به الأحداث وتتغير قوانين الكنيسة وتعاليمها والَّتِي فصلت بمقاييسه لتختاره لمهمة رسمت خصيصا له .. ليفاجىء الجميع ويذهل كل من عرفوه باختياره بابا الأقباط النصارى خلفا ليوساب الثاني وليصبح اسمه الأنبا كيرلس السادس .. ويخلص كعادته بكل كيانه في سبيل قناعاته وأفكاره وولائه ويحقق لجماعة الأمة القبطية أغلى منالها وأهدافها وإنجازاتها ..
ودون مقدمات ينقلب على مبادئها وتعاليمها ويخلص بكل عقله وقلبه لفكرة محاربة تلك الجماعة والقضاء على كل نفوذها .. وتشهد نهايته كم من الغموض وسط نزاعات وصراعات داخلية انقلب فيها على تلاميذه وأطاحوا هم به .. وفي وقت مقارب يرحل بابا أثيوبيا الذي عينه كيرلس السادس ورسمه بطريركا لاثيوبيا ..