وكان قد ذاع خبر طرد بعض الرهبان من الأديرة وإقامتهم بالأماكن المهجورة والخرابات وتل الطواحين بمصرالقديمة والصحارى .. وكانت الفرصة الحقيقية لنظير جيد للالتقاء بهم طالما انجذب لتلك النزعات العنصرية الَّتِي يشعر معها بأهميته وضخامة حجمه وضئالة وصغر غيره من غير الأقباط النصارى (حتَّى أنه لاحقًا بعد ذلك بسنوات قبل ترسيمه بابا للأقباط والى وقت قريب .. أحب شيء إلى نفسه هو الصعود إلى الأماكن العالية أي ربوة أو جبل بالأماكن المفتوحة ويجد كل المتعة في تأمل المدن والبيوت عن بعد وقد تتضاءل حجمها ومكانتها بالنسبة له وكأنه أصبح متربعا على عرش مصر) ..
وعودة إلى نظير جيد الطالب الجامعي وبصحبة بعض أصدقائه الجامعيين ذهب لزيارة هؤلاء الرهبان المتمردين على قوانين الكنيسة والمتحديين لكل أوامر بابا الكنيسة ربما وجد عندهم ضالته المنشودة في عمل عظيم ينفرد هو به ويضع بصماته على كنيسته
وفي تلك الأماكن المهجورة البعيدة عن العمران كان اللقاء بين نظير جيد (شنودة بابا الأقباط النصارى الحالي) مع الراهب مينا المتوحد (كيرلس السادس بابا الأقباط النصارى السابق له) وتلاميذ مينا المتوحد .. اجتمعوا جميعًا بمباركة شياطين تلك الخرابات المهجورة والبعيدة عن كل مقومات الحياه وأبسطها عدم توافر المياه اللازم للطهارة من الرجس .. وهذه هي نظرة بعض ملل المسيحية الأخرى ورفضهم للاعتراف بهذا النمط من الرهبان .. بل حتَّى بابا الأقباط النصارى في ذلك الوقت يوساب الثاني أوقفهم عن سلك الرهبانية ..
زاد انبهار نظير جيد الطالب الجامعي العلماني بتفكيره ونشأته بالراهب مينا المتوحد وتلاميذه .. اعجب بوجود هذا النمط الجديد من الرهبان من الجامعيين والمثقفين وخريجى مدارس الإرساليات للغات .. سحره هذا النمط من رهبان جماعة الأمة القبطية والذي يختلف كلية في طموحاته وأهدافه ورؤيته لكنيسته ومتطلباتها عن هذا النمط القديم من كهنه ورهبان الكنيسة الَّتِي توقفت طموحاتهم وامالهم على الصلوات والدعوات وأخذ البركات ..
وما كانت تلك الشخصية العلمانية الطموحة الذكية المتواضعة في معلوماتها الدينية والمتمثلة في نظير جيد لتمر على رهبان الجماعة المطرودين وتلاميذهم مر الكرام .. فقد فطن الراهب مينا المتوحد بحدة ذكائه إلى الإمكانيات الحقيقية للطالب الجامعي نظير جيد .. ووجده عجينة مرنة يسهل تشكيلها وصبها في القالب المصنوع له .. وتوالت زيارات نظير جيد وبعض أصدقائة للراهب مينا وتلاميذه ... وكان أن وكل الراهب مينا المتوحد لكل من تلاميذه المقيمين معه عددا من هؤلاء الطلاب الجامعيين .. وكان موفقا في الاختيارات والتوزيع .. فبحكم خبرته ودرايته بفن الإقناع والتأثير الذي تشربه من رهبان الجماعة من معلميه أدرك أن أقصر الطرق للفوز بتلاميذ مخلصين أن يكون هناك توافق في الشخصيات والميول والاتجاهات