واعتبرت الكنيسة أن أقل عقاب لهؤلاء المصريين وذرياتهم هو حرمانهم من ثروات مصر واعتبار الأقباط النصارى المنتمين للكنيسة القبطية هم فقط الملاك الشرعيين لكنوز مصر وأراضيها .. راقت لقيادات الكنيسة تلك الفكرة الجهنمية وباركها كهول رهبان الجماعة بأديرة الصحراء ..
وبدأت الكنيسة تتبنى مشروع الاتجار بآثار مصر بكل أنواعها وعلى اختلاف العصور من الفراعنة لآثار الإغريق والرومان وحتى الإسلامية مع الاحتفاظ بكل الآثار القبطية القديمة بكنائسهم ومتاحفهم .. لم تكن تلك الفكرة جديدة فالمعروف أن معظم الأديرة القبطية كانت قد بنيت في أماكن لمعابد فرعونية أو إغريقية قديمة .. فقد كان مع بدايه الكنيسة القبطية وعصور اضطهاد الرومان المسيحيين لهم أن نشأت الرهبانية وهرب رهبان وكهنة الأقباط النصارى إلى الصحراء للاختفاء عن عيون الرومان في مغارات وقبور ومساكن ومعابد مهجورة من بقايا الفراعنة والإغريق وغيرهم من الحضارات الملعونة الَّتِي أبادها الله ... ولكن لم تكن فكرة استخراج أو استخدام أو المتاجرة في تلك الآثار تلقى قبولًا بين المصريين .. حيث كان يعتقد الأقباط النصارى وكل المصريين بلعنة الفراعنة .. واستمر هذا الاعتقاد حتَّى إلى عهد ليس ببعيد ربما إلى الستينات وما زال إلى الآن ..
والاعتقاد السائد بلعنة الفراعنة لم يكن بالمفهوم الذي يروج له مفتشى وعلماء الآثار بأن الفراعنة يحمون آثارهم ومتعلقاتهم من اللصوص .. لا .. كان للعنه الفراعنه أساس ديني بالعهد القديم والتوراه واسفار الخروج .. حيث اعتقد المصريين بأن غضب الله ولعنته حلت على أجدادهم الفراعنة القدماء ودمرت مصر وجفت أنهارها وينابيعها وجناتها وتحولت إلى صحارى وهلكت معابد الوثنيين بعد خروج بني إسرائيل عهد موسى وغرق جيوش فرعون ..
وحتَّى رحلة السيدة العذراء وابنها المسيح عليه السلام وصفت على أنها كلما مرت بطريق به اصنام وتماثيل ومعابد من بقايا الفراعنة تحطمت تلك الآثار ..
وأكد القرآن الكريم على غضب الله ولعنته على الفراعنة في قوله سبحانه {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} كما وصف هول النكبات والكوارث الَّتِي حلت بالفراعنة بقوله {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} .. وظل المصريون على هذا الاعتقاد حتَّى أن مكتشفي الآثار من الفرنسيين والأمريكان وجدوا صعوبة في بداية الأمر لإقناع العمال البسطاء للعمل معهم ..
فقط الرهبان وكهنه الأقباط النصارى هم الذين كانوا يعتقدون بأحقيتهم في ميراث أجدادهم بل وكانوا مولعيين بكل ما يتعلق بالفراعنة وأنكر عليهم الرومان هذا التناقض والازدواجية في العقيدة فهم يدعون المسيحية والإيمان بوثنية الفراعنة