وما زالوا على انبهارهم وولعهم بتلك الحضارة الملعونة وحافظوا على الكثير من عاداتهم وأعيادهم ومعتقداتهم في مراسم الموت والاحتفال بالنيل وماكولاتهم بل ويحتمون بمعابدهم وقبورهم وأماكنهم المهجورة والملعونة ..
ومعظم الأديرة بنيت على أطلال تلك المعابد والمساكن القديمة ولكن لم يعرف عنهم المتاجرة بها حيث إن فكرة الرهبانية كانت تقوم على الزهد والبعد عن كل الأطماع الدنيوية كما أن قوانين الأديرة كانت لا تسمح بالنبش عن الكنوز وقيل أنه حدث لكن على أضيق الحدود ولم تلقَ استجابةً من الرهبان ..
ولكن رهبان وكهنة شنودة كانوا على شاكلته كلهم علمانيين المنشأ طموحاتهم وأهدافهم فوق أي منهج عقائدى .. أغلبهم من الجامعيين وخريجى مدارس اللغات ومن معتنقي تعاليم الجماعة العنصرية وضاربين بالتعاليم المسيحية عرض الحائط .. وأطماعهم في السلطة والشهرة والنفوذ والمال لا يتلائم ولا يتساوى مع هذا النهج المتواضع للرهبان والكهنة القدامى البسطاء في احلامهم والَّتِي لا تتعدى إقامة الصلوات والتوسلات للحصول على البركات .. وساعدهم على تنفيذ تلك الفكرة معرفتهم للغة القبطية وبعض لغات ورموز الحضارات المصرية القديمة واحتفاظهم بالخرائط والكتب الَّتِي توارثها الرهبان عبر العصور وتدارسوها واحتفظوا بها في أديرتهم وأماكنهم ..
وبالفعل تم حفر الكثير من السراديب بأرض الأديرة المتناثرة بكل ارجاء البلاد والبعيدة عن العيون والعمران والمحاطة بالسرية والأسوار العالية والاستحكامات الأمنية الَّتِي تفوق استحكامات القصور الرئاسية ..
وبالفعل تم استخراج الكثير من الآثار الَّتِي قامت عليها تجارة احتكرها الأقباط النصارى وفتحت البازارات لتجارة الأنتيكات المقلدة للسياح والَّتِي هي في حقيقتها منافذ لتسويق آثار مصر بكل أنواعها .. والَّتِي أصبحت هي الأخرى تجارة قائمة بذاتها .. ولكن الأمر تطلب من الكنيسة مزيدا من التوسع والتنظيم والتخصص والحماية أيضًا ..
جلبت تجارة الآثار في بداياتها الأموال الطائلة للكنيسة وأصبحت أحد منابع الخير الوفير .. اقتطعت منها جزءًا كبير لتمويلها والتوسع فيها بشكل أكثر تنظيما ودراسة .. لذا وجدت الكنيسة أن تقيم لها فريق متخصص أشبه بوزارة داخلها ... ووضع خطط عمل واعية ومدربة والتوسع فيها لامتصاص الطاقات وتوفير فرص العمل وجلب الأموال والخيرات لدعم الكنيسة ورعاياها .. خصصت لهذا المجال أكبر مكتبات قبطية تضم أهم كتب ومخطوطات وخرائط الحضارات القديمة بمصر .. مكتبة ضخمة تحوي كتب قديمة وأثرية ومخطوطات ولوائح حجرية لكل عصور التاريخ واللغات الَّتِي مرت بها مصر احتفظ بها الرهبان عبر العصور توارثوها من الأقباط النصارى الذين نهبوا مكتبة الإسكندرية القديمة الَّتِي تعرضت عدة مرات للحرق والإتلاف ..