للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما نقلته من كتاب محمد بن الوليد الفهري (١). وروي أن يونس بن سليمان البلخي رحمه الله قال: كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله من الأشراف كثير المال والخدم، فخرج يومًا إلى الصيد مع الغلمان والخدم والموكب والجنائب والبزاة، فبينما في عمله ذلك أخذ براية وكلاب للصيد وهو على فرسه تركض به إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥] اتق الله وعليك بالزاد ليوم الفاقة. قال: فنزل عن فرسه

ورفض الدنيا وأخذ في عمل الآخرة (٢). وروي عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه كان إذا سئل عن العلم جاء بالأدب (٣). وقال الإمام [ق ٤٠ / ب] أبو حنيفة رضي الله عنه: "يا إبراهيم! إنّك رزقتَ (٤) من العبادة شيئًا صالحًا فليكن العلم من بالك، فإنه رأس العبادة، وبه قوام الدين" (٥). وقيل لإبراهيم: ألا تحدّث فقد كان أصحابك محدّثون؟ فقال: كان همّي هدي العلماء وآدابهم (٦). وروي أن إبراهيم بن أدهم دخل على أبي جعفر المنصور فقال له أبو جعفر: ما عملُك؟ قال إبراهيم:

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع


(١) هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري، المالكي، المعروف بالطرطوشي، ويعرف بابن أبي رندقة (أبو بكر) فقيه، أصولي، محدث، مفسر. ولد سنة ٤٥١ هـ تقريبا، ونشأ في طرطوشة بالأندلس، ورحل إلى المشرق فدخل بغداد والبصرة، وسكن الشام، ونزل بيت المقدس، وأخذ عن جماعة، وتوفي بالإسكندرية في جمادى الأولى سنة ٥٢٠ هـ. من تصانيفه: سراج الملوك، الدعاء، الحوادث والبدع، مختصر تفسير الثعالبي، وشرح رسالة ابن أبي زيد، وغيرها وترجمته في: بغية الملتمس (ص/١٣٥)، وفيات الأعيان (٤/ ٢٦٢)، الديباج المذهب (٢/ ٢٤٤)، معجم المؤلفين (١٢/ ٩٦)، وغيرها.
(٢) أخرجه ابن منده في"مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/١٨) (٢)، وغيره.
(٣) أخرجه ابن منده في"مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/١٩) (٣)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٢٧)، وغيرهما.
(٤) بالأصل: زقتَ.
(٥) أخرجه ابن منده في "مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/٤٧) (٤٦).
(٦) أخرجه ابن منده في"مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/٤٨) (٤٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٢٧).

<<  <   >  >>