للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له: اخرج عنِّي. فخرج وهو يقول: خذْ عن الناس جانبًا، واجعل الله صاحبًا (١). وروي أن رجلاً أتى إبراهيم بن أدهم فقال له: أنت إبراهيم؟ قال: نعم. فقال له: من أين معيشتك؟ قال:

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع (٢).

وروي أن إبراهيم بن أدهم كان في سفر ومعه ثلاثة نفر، لدخلوا مسجدًا وكانت ليلة باردة ولم يكن لذلك المسجد باب تسُدٌّه، فلما كان وقت النوم ناموا وقام إبراهيم على الباب إلى الصباح فقالوا له: لم لا نمت؟ (٣) قال: خشيت أن يغشاكم البرد فقمت مكان الباب (٤)، فهؤلاء لو كانوا من أهل الإسلام لكان قدوتهم هؤلاء المذكورون، وأقول شعرا: [ق ٤١ /أ]

أيُّها المرء إنَّ دنياك بحر ... قد طمسا موجُه فلا تقربنّها

أصبح الراغبون فيها حيارى ... والحذار الحذار يا طالبنَّها

وسبيل النجاة فيها بيّن ... وهو أخذ الكفاف والقوت منها

بينما المرء مغرم في هواها ... لاهيًا في نعيمها يسلبنَّها

فاجتنبها ولا تكن من بنيها ... إنّما الفوز في انتزاحِك عنها


(١) أخرجه ابن منده في"مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/٤٨) (٤٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٠)، وغيرهما.
(٢) أخرجه الدينوري في "المجالسة" (٥/ ١٤٦) (١٩٦١)، وابن منده في "مسند إبراهيم بن أدهم" (ص/٤٩) (٤٩) وغيرهما.
(٣) كذا بالأصل، وفي التبصرة: " لَمْ تَنَمْ؟ ".
(٤) ذكره ابن الجوزي في "التبصرة" (٢/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>