للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي أن أبا القاسم بن أبي عبد الله بن منده (١) رحمه الله قال: ليس في الحديث والحكم محاباة، فمن جار في الحكم خرج عن جملة المقسطين، ومن مال إلى مذهب بتأويل حديث خرج عن جملة أصحاب الحديث. وقال: كان مذهب السلف ظاهر كتاب الله عز وجل بلا تأويل وظاهر أخبار رسول الله عليه السلام بلا تبديل، وقبول قوليهما بلا حجة ولا تعطيل. وقال: ولا يخرج من النار عند أهل الأثر من يخرج على الله ورسوله برأيه وهواه (٢).


(١) هو عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده الأصبهاني أبو القاسم: وهو ابن الحافظ ابن منده، رحل فِي طلب العلم وكتب وصنف تصانيف كثيرة. وَكَانَ قدوة أهل السنة بأصبهان وشيخهم فِي وقته. وَكَانَ مجتهدا متبعا آثار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويحرض الناس عليها. وَكَانَ شديدا عَلَى أهل البدع مباينا لهم وما كَانَ فِي عصره وبلده مثله فِي ورعه وزهده وصيانته وحاله أظهر من ذَلِكَ. من كتبه: تاريخ أصبهان، المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة. مولده: سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ومات ابن منده في شوال سنة سبعين وأربعمائة، وترجمته في "طبقات الحنابلة" (٢/ ٢٤٢)، تاريخ الإسلام (١٠/ ٢٩٣)، الأعلام (٣/ ٣٢٧) وغيرها.
(٢) ولابد من تقييد الخروج هنا بما يوقعه في الشرك الأكبر، أو الكفر الأكبر، أو البدع المكفرة، قال الشيخ المنجد: " إتباع الهوى ليس على منزلة واحدة، فمنه ما يكون كفرا أو شركا أكبر، ومنه ما يكون كبيرة، ومنه ما يكون صغيرة من الصغائر.
فإن اتبع هواه حتى قاده إلى تكذيب الرسول، أو الاستهزاء به، أو الإعراض عنه، فهذا مشرك شركا أكبر. وهكذا كل من قاده الهوى إلى ارتكاب ما دلت الأدلة على أنه شرك أكبر أو كفر أكبر، كدعاء الأموات، أو جحد المعلوم بالضرورة، أو ترك الصلاة، أو استحلال الزنا أو الخمر.
وإن اتبع هواه فحلف بغير الله تعالى، أو راءى بعمله، فهو مشرك شركا أصغر.
وإن اتبع هواه ففعل بدعة غير مكفّرة فهو مبتدع.
وإن اتبع هواه ففعل كبيرة كالزنا أو شرب الخمر من غير استحلال، فهو فاسق.
وإن اتبع هواه ففعل صغيرة، فهو عاص غير فاسق.

وبهذا تعلم أن إتباع الهوى يقود إلى أمور متفاوتة، فلا يصح أن يقال: إن من اتبع هواه فهو كافر بإطلاق ... ).

<<  <   >  >>