للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَتْ: "فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نزلنا في بني الخزرج، قالت: فوالله إني أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوحَةٍ، بين عذقين فجاءتني أمي فأنزلتني ولي جميمة (١) " (٢)، ثم إن اللعب التي كانت تلعب بها عائشة رضي الله عنها لم تكن لها أوجه مقدرة على محاسن الحيوان؛ لأن النبي عليه السلام لعن المصوّرين (٣)، وإنما وجهه إنها كانت تربط خشبة على خشبة على هيئة الصليب، ثم تكسوهنّ الخرق، فكذلك إنشاده هذا الشعر إنما كان بغير تلحين بدليل قولها: "وليستا بمغنيتين"، فنفت الغناء عنهما، وبعاث يوم مشهور كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيت الحرب بينهم قائمة مائة وعشرون سنة (٤) إلى أن قام الإسلام على ما ذكر محمد بن إسحاق بن يسار وغيره، وكان [ق ٥٨ /أ] الشعر الذين يتغنيان به في وصف الشجاعة والحرب وإنشاده حثّ على جهاد الكفّار ومعونة للدّين سيّما إذا كان المنشد حسن الصوت.


(١) في الحاشية: "الجموم بالفتح فرس مسرع، وعند البعض حمار". كذا قال، وهو غير مراد هنا، وفسره الخطابي في "معالم السنن": " الجميمة تصغير الجمة من الشعر" والمقصود أن شعرها رضي الله عنها كان للجمة أي الأذنين بعد أن تمرق من المرض الذي كان قد أصابها كما جاء مصرحا به في رواية الصحيح وانظر التعليق التالي.
(٢) صحيح – أخرجه أبو داود في "سننه" (٤/ ٢٨٥) (٤٩٣٧) به، والحديث أصله في الصحيحين، ولفظ البخاري: " عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمرق شعري، فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها ... " الحديث.
(٣) أخرج البخاري في "صحيحه" (٧/ ٦١) (٥٣٤٧) عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ونهى عن ثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن المصورين».
(٤) بالأصل: " يومًا"، والتصويب من شرح السنة للبغوي (٤/ ٣٢٢)، وغيره.

<<  <   >  >>