وذلك أن المعاصي لا يتقرب بها إلى الله سبحانه وهو خلاف لجميع علماء الأمصار، وقد ذهب بعض من يتأول في سماع ذلك من المحدثين ما ليس في مذهب المحدثين إلى تأويل يترخص أخطأ فيه ولم يوفق للصواب وإتباع السنّة والكتاب، فقال: لو لم يجز سماعها لما كان نافع يستمع ويخبر ابن عمر، وكذلك ابن عمر أخبر النبيّ عليه السلام فعل ذلك، ولم ينه ابن عمر مولاه عن سماعها (١)
(١) قال العظيم آبادي في عون المعبود نقلا عن السيوطي في مرقاة الصعود: (واعترض بن طاهر على الحديث بتقريره صلى الله عليه وسلم على الراعي وبأن بن عمر لم ينه نافعا وهذا لا يدل على إباحة لأن المحظور هو قصد الاستماع لا مجرد إدراك الصوت لأنه لا يدخل تحت تكليف فهو كشم محرم طيبا فإنما يحرم عليه قصده لا ما جاءت به ريح لشمه وكنظر فجأة بخلاف تتابع نظره فمحرم وتقرير الراعي لا يدل على إباحة لأنها قضية عين فلعله سمعه بلا رؤيته أو بعيدا منه على رأس جبل أو مكان لا يمكن الوصول إليه أو لعل الراعي لم يكن مكلفا فلم يتعين الإنكار عليه) وذكر أيضا توجيه نقله عن الشوكاني بأن الراعي قد يكون لم يبلغ الحلم، وقال: (قال الخطابي في المعالم المزمار الذي سمعه بن عمر هو صفارة الرعاء وقد جاء ذلك مذكورا في هذا الحديث من غير هذه الرواية وهذا وإن كان مكروها فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غلظ الحرمة كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكر مبلغ الردع والتنكيل) ..