للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: وذلك أنّ نوحًا صلى الله عليه وسلم لما خرج من السفينة وهو تعب استظل في ظل جبل ونام فانتشر عليه، فنظر إليه حام وقام وصفق ويافث لم ينكر فوافى سام، فضرب أخاه وغطى أباه فانتبه نوح عليه السلام، فقال: أمّا أنت يا حام فشوّه الله خلقك وخلق أولادك وجعل أولادك خولاً لأولاد سام وجعل له الرياسة والملك عليكم وزادك الله طربًا ولذرّيتك إلى يوم القيامة ونقص عقولهم، وأنت يا يافث فكثر ولدك ومحق خيرك وسلبك عقلك وحرّمك الدولة إلى يوم القيامة، وأما أنت يا سام [ق ٨٧ / ب] جعل الله فيك البركة والنبوّة والخير والحكمة والرياسة إلى يوم القيامة (١)، وأقول شعرا:

هاربا من محافل اللغو ... واللهو كيبا بيتي (٢) ضرارًا

خائفًا منهما يتاقي هواه ... فتنة فيهما رمته شرارًا (٣)

سفقة (٤) يرى مشتراها ... صفقة لا تفيد إلا خسارًا

فهم الأمر فاستقام ولم ... يقف ولم يتبع سبيل الخيارا

اعرف النفس فاتخذها عدوًّا ... ثم نادي منهما الحذر الحذارا

ذاك وصف الرجال قدما ... وأما وصفنا الآن فهو وصف العذارا

وانتقام من عادل لم يزده منك ... نقض العهود إلا تبارا

نقضوا عهدك المصون فلا ... يرجون لله والرسول وقارا

جازهم وصفهم فديناك حتى لا ... يرى الحاضرون إلا جارا

صابر قابض على الخمر لما ... أن أبحنا الطبول والمزمارا

اقتداء بعادل كان هذا الوصف ... فيه للصابرين شعارا

تابعًا للرسول ما سنّ طوعًا ... وكتاب المهيمن الجبارا

ما رآه الشيطان ألا تولى ... نافرًا صارخًا يضاهي الجمادا

مثل ما فرّ من أبي حفص ... قدما لم يكن تابعًا له الآثار

فاتخذ نحو ما أعدّوه ما ... استطعت اقتداء كي ترهب الكفارا


(١) لم أقف عليه وعلامات الوضع والنكارة ظاهرة عليه.
(٢) يوجد سقط في العجز، و «كيبا»، هي من سوء الحال، والله أعلم.
(٣) وفي الحاشية: "أو شر".
(٤) أي بيعة.

<<  <   >  >>