للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانيّة ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال لنا رسول الله عليه السلام: "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولوا: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: ٤٦] " (١)، ألا فمنعهم رسول الله عليه السلام من التصديق خشية أن يكون كذبًا ومن التكذيب خشية أن يكون حقًّا وأمرهم بالعدول إلى قول يدخل فيه الإيمان [ق ١٠٦ /أ] بالحقّ وحده، وهذا كذلك والسلام. وذكر أبو عبد الله بن بطة في كتاب الإنابة: قال: حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر أبنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي أبنا المسيب [بن] واضح السلمي قال: أتيت يوسف بن أسباط فسلمت عليه وانتسبت إليه وقلت له: يا أبا محمد إنّك بقية أسلاف العلماء الماضين وإنّك إمام السنّة وأنت على من لقيك حجّة، ولم آتك لأسمع الأحاديث ولكن لأسألك عن تفسيرها، قد جاء الحديث عن النبي عليه السلام أن بني إسرائيل افترقوا على اثنين وسبعين فرقة وأنّ أمّتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة، فأخبرني ما هذه الفرق حتى أتوقاها، قال لي: إنّ أصلها أربعة: القدرية والمرجئة والخوارج والشيعة، وهم الروافض، فثمانية عشر في القدرية وثماني عشرة في الشيعة، ثم قال: ألا أحدّثك بحديث لعلّ الله ينفعك به، قلت: بلى رحمك الله، قال: أسلم رجل على عهد عمرو بن مرّة، فدخل مسجد الكوفة، فجعل يجلس إلى أصحاب الأهواء، فكلّ يدعوا هواه، فجاء إلى عمرو بن مرّة، فقال: إنّي كنت رجلاً كافرًا وإني دخلت هذا الدّين رجاء بركة، إنّي دخلتُ مسجد الكوفة فجعلت أجلس إلى قوم أصحب أهواء، فكلّ يدعوا إلى [ق ١٠٦ / ب] هواه، وقد اختلفوا علي ولا أدري بأيّهم أتمسّك، فقال له عمرو بن مرّة: اختلفوا في الله تعالى أنه ربّهم، قال: لا، قال: اختلفوا عليك في محمد صلى الله عليه وسلم أنه نبيهم، فقال: لا، قال: فاختلفوا عليك في الكعبة أنّها قبلتهم، فقال: لا، قال: فاختلفوا عليك في شهر رمضان أنّه صومهم، ، قال: فاختلفوا عليك في الصلوات الخمس والزكاة والغسل من الجنابة، ، فقال: لا، قال: فانظر هذا الذي اجتمعوا عليه فهو دينك ودينهم، فتمسّك به وانظر تلك الفرق التي اختلفوا فيها فاتركها فليست من دينهم في شيء" (٢)،


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦/ ٢٠) (٤٤٨٥).
(٢) الإبانة لابن بطة (١/ ٣٧٧) (٢٧٧) ..

<<  <   >  >>