للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا فيجب عليكم إن كنتم من العقلاء أن تنبهوا أنفسكم (١) في صواب ما أحببتم وتحسين ما اشتهيتم؛ ليصحّ لكم الصوب، ويتبيّن لكم الحقّ، فإن الحق أثقل محملاً وأصعب ركابًا، أيها الناس متى وجدتم اثنين اختلفوا في شيء فانظروا أيّهم أعلم بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله وأي قول أقرب وأشبه إلى ما كان عليه [عليه] السلام وصحابته رضوان الله عليهم، فتمسكوا به ودعوا ما سوى ذلك، فإن جهلتم أمر ذلك وأشكل عليكم ولم يتبين لكم في ذلك شيء فانظروا أيّ القولين أثقل على أنفسكم فتمسكوا به واجتنبوا أحبهما إليكم ودعوا واتركوا أسهلهما عليكم وخذوا بأثقلهما لديكم، فإن النفس عن الحق أنفر وللهوى آثر وتميل إلى ما ليس في حضوره كلفة ولا فيه مجاهدة [ق ١٠٧ / ب] بل هو مشتهًا عندها مستلذًّا لها غاية الالتذاذ، وهذا يقطع بأنه باطل، فإنّ الحقّ من سائر أنواعه شاقّ على النفوس ثقيل على أكثر الطباع فقد صحّ وثبت أنّ رسول الله عليه السلام قال: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» (٢)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «الحق ثقيل مَرِيءٌ، والباطل خفيف وَبِيءٌ، وربّ شهوة ساعة، تورث حزنا طويلا» (٣)، فقد جاء في الحديث عن النبي عليه السلام: "ألا ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً" (٤).


(١) بالأصل: "أنفسهم".
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٤/ ٢١٧٤) (٢٨٢٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) حسن لغيره- أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص/٩٨) (٢٩٠)، وهناد في "الزهد" (١/ ٢٨٧) (٤٩٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٣٤)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ٤٢٨) من طريق موسى بن عبيدة عن أبي عمرو عن ابن مسعود رضي الله عنه به. وموسى بن عبيدة قال عنه الذهبي في "الكاشف": "ضعفوه"، وقال ابن حجر: "ضعيف"، وله شاهد عند ابن المبارك في "الزهد" (ص/٢٩١) (٨٥٠) عن حذيفة رضي الله عنه بنحوه، وفيه أبو جناب الكلبي ضعيف لكثرة تدليسه، والأثر يتقوى بهما.
(٤) إسناده ضعيف جدا - أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٥/ ١٦٥) (٢٧٠٣)، والآجري في"أدب النفوس" (ص/٢٦٨) (١٦)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٦/ ٣٠٥٦) (٧٠٦٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٢/ ٣٠٨) (١٤٢٣)، والبيهقي في "الشعب" من طريق بقية، حدثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي البحير مطولا به، وفيه سعيد بن سنان قال عنه في "التقريب": " متروك، و رماه الدارقطنى و غيره بالوضع".

<<  <   >  >>