للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا فإن لم يتبيّن لكم في ذلك شيء فاتركوا كلا الأمرين الذين اختلف فيها؛ لأنهما من المتشابهات وقد قال الله عز وجل {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن النّاقد ابنا أبو طالب قال: قال عبد السلام لأبي عبد الله [ق ١١٠ /أ] هو الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه أنّ بطرسوس رجلاً قد سمع رأي عبد الله بن المبارك يفتي به قال: هذا من ضيق علم الرجل تقلّد دينه رجلاً لا يكون واسعًا في العلم، فقال عبد السلام: ذهب إليه أبو بكر فقال: إذا جاءك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر وجاء عن سفيان وابن المبارك بأيّهما تأخذ؟ فقال بخبر ابن المبارك وسفيان، فقال: لو أمكنني لضربتك بالسيف حتى أقتلك ونحو هذا فقال أبو عبد الله سبحان الله واستعظم قوله أخذ بقول ابن المبارك واترك قول النبي عليه السلام قال له الشامي القتل بمرة لو كان قال غير هذا، فقال أبو عبد الله تنكر عليه يدع حديث رسول الله عليه السلام ويأخذ بقول ابن المبارك وسفيان، وقد قال الله عزّ وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، فمن ردّ حديث رسول الله عليه السلام أيكون مؤمنًا وهو قد كفر في بعض حالاته وأيّ شيء شرّ من رجل يردّ على رسول الله عليه السلام حديثه، وابن أبي ذئب رحمه الله بلغه أنّ فلانًا (١) رحمه الله لم يأخذ بحديث "البيعان بالخيار" (٢)، فقال يستتاب وإلا ضربت عنقه.


(١) المقصود هنا هو الإمام مالك، وهو لم يرد الحديث بل تأوله كما سيذكر المؤلف في تتمة هذا الأثر.
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣/ ٥٨) (٢٠٧٩)، ومسلم في "صحيحه" (٣/ ١١٦٤) (١٥٣٢) من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه مطولا به.

<<  <   >  >>